ظروف الأردن والإقليم
لم يكن اللقاء الذي جمع جلالة الملك وأعضاء المكتبين الدائمين في مجلسي النواب والأعيان الأسبوع الماضي لقاء عاديا لما حمله من إشارات أطلقها الملك وأمر بأخذها بعين الإعتبار .
فالملك يدرك بأن تلاشي الطبقة الوسطى سيجر وبالا على البلد ، ومن أجل ذلك نبه إلى هذه القضية الخطيرة على اعتبار أن هذه الطبقة هي التي تدير الإقتصاد ، ،كما وأنه وجه الحكومة " لدراسة الإجراءات المقترحة للإصلاح المالي، والنظر في الخيارات البديلة التي تحمي الأقل دخلا" ، وذلك لأن " زيادة نمو وتنافسية الاقتصاد الوطني يجب أن تكون الأساس في رفع سوية الاقتصاد " .
ولم يفت جلالته تذكير الحكومة وتذكير ممثلي الشعب بأن الظروف صعبة : " المنطقة في حالة حرب، ونحاول جهدنا لزيادة النمو الاقتصادي، والحد من بطالة الشباب في ظل الظروف الصعبة " ومن أجل ذلك فإن على الجميع أن يعيشوا الواقع : ".. لا بد أن نكون واقعيين بالنسبة لما يمكن تحقيقه خلال العام الحالي " .
وكما يفهم المرء من الموازنة التي سيبدأ النواب مناقشتها طوال هذا الأسبوع فإن العام الحالي 2017 سيكون عاما ثقيلا على الأردنيين في ظل المديونية و ظروف المنطقة والعالم ، وما تحمله الحكومة من مفاجآت قد تجعل ذوي الدخل المحدود في فاقة أشد وأعتى .
وخلال اللقاء قال الملك : " أننا نمر بمرحلة من أصعب المراحل التي تواجه منطقة الشرق الأوسط، وهذه ليست أزمة أردنية فقط بل أزمة إقليمية " .
ولما كان الأمر كذلك ، فإنه : " يوجد أمامنا متغيرات كثيرة إقليميا ودوليا هذا العام ".
وبما أن الأمر يتطلب مصارحة منقطعة النظير فقد قال جلالته مخاطبا ضيوفه في قصر الحسينية : " ليس هناك أحد قلق على الوطن أو المواطن أكثر مني، ولا يوجد أحد يعلم التحديات الاقتصادية والسياسية والأمنية أكثر مني، وأنا واثق تماما بأننا قادرون على تجاوزها ".
ولعل هذه الثقة الملكية تعتمد أولا على الشعب وعلى تعاون الجميع ، ومن أجل ذلك فقد أردف كلامه بقوله : " يجب علينا جميعا إدراك أهمية التنسيق والتعاون بين الحكومة ومجلسي الأعيان والنواب فيما يتعلق بالتشريعات الاقتصادية في المرحلة القادمة " .
ولم ينس الملك التطرق لورقته النقاشية الأخيرة " السادسة " والتي ركزت على سيادة القانون فخاطب ضيوفه : " إن سيادة القانون، إلى حد بعيد، هي فكر وثقافة، كما أنها إجراءات وقرارات وأفعال، ولا أستثنى أحدا من سيادة القانون أو مكافحة الفساد " .
وهذا رد ملكي صارم على كل من يحاول الإختباء وراء الملك على طريقة " من فوق " .
لقد كان لقاء صريحا طمأن فيه الملك شعبه بأننا قادرون على تجاوز الظروف الصعبة أيا كانت طبيعتها وخطورتها ، ولكن شريطة أن نكون متكاتفين متحدين لتحصين بلدنا الذي يعلم صغيرنا وكبيرنا بأنه ليس لنا بلد سواه .
د.فطين البداد