الأردن : ماذا بعد إقرار الموازنة ؟
تنفست الحكومة الصعداء بعد تصويت مجلس النواب بالموافقة على الموازنة العامة والوحدات المستقلة .
كان ماراثونا طويلا ، ذلك الذي بدأه النواب في منقاشاتهم ، فهي - بالمناسبة - فرصة ذهبية ليطلوا من خلالها على الشاشة الرسمية بخطابات أغلبها لا علاقة له بالموازنة ولا أرقامها ومغاورها وجيوبها وسراديبها ، بينما تناولها ثلة قليلة منهم بدراسة علمية مشهود لها .
سبق الموافقة على الموازنة كواليس واجتماعات بين الكتل النيابية وبين الرئيس الملقي ، وكان جل ما يفكر به كثيرون هو تسجيل مواقف قد تنفع في مشوار نيابي يستوجب تحقيق مطالب قواعد شعبية لا تتوقف عن الشكوى ، وحُق لها ذلك بالطبع .
الآن ، وبعد الموازنة التي من المرجح أن يقرها الأعيان أيضا ، فإن ما ينتظر الأردنيين هو سماع نفس الدبيب ونفس الحركة وذات الرتابة ، لأن الموازنة ، وكما سبق وقلنا ، لا مجال أمامها إلا أن تكون على هذا النحو وبهذه الأرقام إلا بعضها مما لا يسمن ولا يغني من فقر .
في انتظار الأردنيين قرارات رفع أسعار لا بد منها ، وإذا كانت الحكومة وعدت بأنه لا رفع للأساسيات ، فإن ما يفند هذا الوعد هو ما نشرته حماية المستهلك مؤخرا حين طالبت الأردنيين بمقاطعة شراء بيض المائدة بعد ارتفاع أسعاره بمقدار الثلث وما دشنه ناشطون أردنيون على مواقع التواصل لمقاطعة " البطاطا " وما قيل عن " دينار " يفرض شهريا على كل هاتف محمول .
المطلوب من الأردنيين أن يدركوا بأن رئيس حكومة من طراز سوبرمان ، لن يمكنه إلا ما أمكن الملقي وموازنته ، فكل شيء كما قلنا محسوب بالدينار وأوجه الموارد والنفقات محسومة سلفا ، ورأينا مؤخرا كيف تم صرف رواتب هذا الشهر قبل إقرار الموازنة دستوريا .
بإمكان الحكومات الأردنية استبدال الجباية من جيوب المواطنين بأبواب أخرى ، منها معالجة التهرب الضريبي والإستثمار الحقيقي بموجب قوانين تحمي الإستثمار واستخراج الموارد الوطنية من معادن وغيره ، ولا نخفي سرا إذا قلنا بأن منطقة واحدة في الأردن بإمكانها ضخ 10 مليارات دينار جراء تعدين النحاس فما بالك باليورانيوم الأردني المتواجد على سطح الأرض وفي الصخر الزيتي وخامات الفوسفات الأردني وللحديث هنا شجون .
إن الوضع الصعب الذي تمر به البلاد يتطلب وحدة ووعيا وصبرا لا بد منه لتخطي المرحلة ، ويكفينا نداء الإستغاثة الذي أطلقه الدكتور أحمد هليل لنعلم بأن الوضع الإقتصادي بلغ من السوء مستويات خطيرة .
إن هذا العام 2017 سيكون عاما مختلفا ، وليس هناك من مجال إلا بمواجهته وبحكمة ، ليس من باب المكابرة بل من باب أنه ليس بالإمكان أفضل مما كان .
د. فطين البداد