من الأقوى : الملقي أم النقابات الصحية ؟
تهديدات مبطنة أطلقتها النقابات الصحية في الأردن محذرة من إقرار قانون المساءلة الطبية الذي لم يتمكن أي وزير صحة من إقراره أو المضي به قدما .
ولكي لا يقال إنني أتجنى على هذه النقابات فإنني أسوق تاليا بعض التصريحات التي صدرت عن بعض ممثلي النقابات في الأردن ، وتاليا أنموذج عنها وأنا هنا أقتبس :
" ان القطاع الطبي في الأردن سيكون المتضرر الأكبر في حال تم العمل بقانون المسؤولية الطبية"، وأنه "سيؤدي إلى امتناع الاطباء عن اجراء العمليات الحساسة، الامر الذي سينعكس سلبا على السياحة العلاجية". .
بمعنى ، أن بعض الأطباء يجرون العمليات الحساسة بدون وثوق منها ، وهذا هو مدلول الحديث .
وأيضا : " "ستكون له آثار سلبية على الخدمة المقدمة للمرضى في القطاع العام، حيث لن يتمكن الطبيب من الكشف على العدد الكبير من المراجعين، خشية اتهام طبي بارتكاب اخطاء طبية، وأن إعداد سجل للمريض سيحتاج لنصف ساعة لكل مراجع، وسيحمل الحكومة اعباء فتح مستشفيات جديدة لاستيعاب الضغط الكبير الذي سيسببه القانون" .
أي أن النقابات مع أن يظل بعض أطباء القطاع العام يصرفون "بانادول " لكل أردني مريض حتى لو كان يعاني من جلطة .
هكذا نفهم .
وأيضا : "يثير القانون شهوة شركات التأمين من خلال إجبار الاطباء على التأمين ضد الاخطاء الطبية، خاصة وان القانون يتضمن غرامات كبيرة على اخطاء بسيطة " .
وهذه تصريحات بمثابة الفضيحة ، وتوحي بأنه لا قيمة لصحة وعمر المريض وأن القضية مالية بحتة .
وأيضا : "ان العديد من الدول المتقدمة التي طبقت المساءلة الطبية مثل أميركا باتت نادمة على ذلك" .
وكأن مطلق هذا التصريح يعلم الغيب وما تخفي الصدور ، سواء في أمريكا أم في الأردن .
ما دفعني للكتابة عن هذه القضية ، هو أن سبعة وزراء صحة عجزوا عن إنفاذ مشروع القانون في مجلس النواب لمناقشته ، وفي النهاية حوله المجلس إلى لجنته الصحية ، فنام في الأدراج إلى ما لا نهاية كما نعتقد .
وقبل أيام ثلاثة من كتابة هذا المقال ، استقبل رئيس الوزراء الدكتور هاني الملقي زعماء النقابات الصحية : الأطباء والأسنان والممرضين والصيادلة الذين طالبوه بتعديلات على مشروع القانون بعد أن كانوا هددوا بالتصعيد إذا لم يستجب لهم ، والتصعيد ، كما نعتقد، يشمل الإضراب وخلافه .
إلى متى ستظل الحكومات الأردنية المتعاقبة عاجزة عن إقرار قانون مساءلة طبية ينصف المرضى الذين وقعوا ضحايا أخطاء طبية قاتلة أو مشوهة ، وكيف يستقيم أن يكون الأردن بهذه السمعة الطبية العالمية ولا يوجد فيه قانون للمساءلة .
خبراء اقتصاديون أكدوا أكثر من مرة أن إقرار مثل هذا القانون سيضاعف الإيرادات الأهلية والحكومية بعد أن يكون المريض الأردني والعربي مطمئنا إلى أنه بين أيد أمينة ، وليس أياد تقوم بمهامها الصحية مستندة إلى مبدأ بات مشهورا عند البعض يقول : " هيك ألله أراد ، والأعمار بيد الله " .
د.فطين البداد