قرار حكومي لا يعرف عنه الأردنيون شيئا
يفاجأ الأردنيون في العادة بقرارات صارمة، كان آخرها توريد الغاز الإسرائيلي رغم كل الصيحات الشعبية والنيابية وخلافها .
ومن ذلك أيضا ، ارتفاعات الأسعار جملة واحدة ، بحيث لم يبق من سبيل لرفع آخر هذا العام ، بعد أن تم الإتيان على كل القطاعات بما فيها رسوم دخول الأردنيين المواقع السياحية .
ليس هذا موضوعي هذا الأسبوع ، وإنما محمية ضانا ، وهنا أقول :
المحمية الطبيعية التي " دوشتنا " الحكومات المتعاقبة وهي تتحدث عن أنها تراث عالمي ، وأن عين الأمم المتحدة ترعاها وفق زعمها وهي قضية غير مؤكدة ، ،باتت الآن في مرمى حجر من تعدين نحاسها ، وهو مطلب حكومي وشعبي قديم ، إلا أن هذا الأمر له قصة تستحق أن تروى .
فقد أخبرني صديق مطل على القصة من الداخل ، أن الحكومة وافقت لإحدى الشركات عن طريق التلزيم بأن تقوم هذه الشركة بإعداد دراسات عن نحاس ضانا ، تمهيدا للبدء بالتعدين وجني مليارات الدنانير إن مضت الأمور على خير ، وهذا أمر طالما دعونا إليه حتى عبر هذه الزاوية في المدينة نيوز .
لم يقتصر الأمر على التلزيم فقط ، بل إن الحكومة تنوي بناء على معلومات ، ان تقتطع أجزاء من ضانا لصالح التعدين على أن تقوم بتعويض المحمية بأراض أخرى ، ولا أجد مبررا لأي تعويض أصلا .
أي أن ضانا التي تبلغ مساحتها 300 كيلو متر مربع لم تعد مكانا محميا ولا تراثا ، وإنه بالإمكان فعل أي شيْ بها ، وبأي محمية أخرى ، مما يثير سؤالا عن الجهة التي تصنف المحميات والغاية الحقيقية من هذا التصنيف .
ولأن الشيء بالشيء يذكر ، فقد أخبرني أحد المتخصصين بأن مشروع قانون يتعلق بالطاقة والذي تم عرضه على اللجنة النيابية مؤخرا تطلب الحكومة فيه أن تكون هناك محميات بالجملة ، دون أي تبرير لإيجاد مثل هذه المحميات ، أللهم إلا إذا أريد لها مستقبلا أن يصيبها ما أصاب محمية ضانا ، ويتم تلزيم مشروعاتها المستقبلية غير المرئية لشركات بعينها .
نعود إلى ضانا : الحكومة تعتبر أن قرارها هو قرار استراتيجي فحواه أن تقوم بدراسات جيولوجية تمهيدا لمعرفة الجدوى الإقتصادية من مشروع تعدين النحاس في ضانا .
لقد تناست الحكومة أن هناك تقديرات سابقة قالت إن حجم النحاس في المحمية يفوق العشرة مليارات دينار ، أي أن الجدوى التي تبحث عنها الحكومة سبق لحكومات أخرى أن تحدثت عنها إن لم أكن مخطئا .
ويذكرني هذا الأمر باليورانيوم الذي غاب الحديث عنه لأسباب مجهولة بعد أن قالت خرائط فضائية إن حجم اليورانيوم الأردني المنتشر فوق الأرض وتحت الأرض وفي خامات الفوسفات يغطي ثلث المملكة ، ولكننا ولغاية الآن لم نسمع أي شيء عنه ، أللهم سوى شركة تعمل فيه بدون حس ولا خبر .
وإذا كانت قيمة الغاز الأسرائيلي هي 15 مليار دولار على مدى سنوات ، فما جدوى الحديث عن مفاعل نووي يولد الطاقة للأردن أليس غاز أبناء عموتنا حاضرا ، وأيضا ما جدوى وجود موارد لا تعد ولا تحصى طالما أنه لا يراد لها الإستخراج لأسباب لا يعلم بها إلا الله والراسخون بعلم القرار .
ضانا لم تعد محمية كما علمنا ، ولعلمكم أيضا ، فقد تم توقيع مذكرة التفاهم مع الشركة المعنية على السكيت ، أي لا يعرف عن هذا الأمر لا نواب ولا شعب ولا حتى نقابة الجيولوجيين ولا الجن الأزرق باستثناء الجمعية الملكية لحماية الطبيعة التي تعارض المشروع لأسباب غير مقنعة ، والجمعية ، لمن لا يعرف ، هي جمعية أهلية .
بلدنا غني وثري وبإمكانه النهوض اقتصاديا بقرارات صحيحة وبإرادة حرة ، أليس كذلك ؟.
فوق هذا وذاك يجيئك من يسأل : لماذا يعاني الأردن اقتصاديا .
د.فطين البداد