اغتصاب الرجال والنساء في الموصل .. تقرير ديرشبيغل
قلنا في أكثر من مقال: إن الفظائع التي ترتكب في الموصل باسم محاربة داعش لا تزال حبيسة الكتمان ، ولم يرشح عنها شيء يصور حقيقة ما يجري سوى ما حدث الأسبوع الفائت عندما تمكن الصحفي الكردي علي أركادي ، والذي كان يرافق القوات العراقية كصحفي أمريكي لتغطية معركة الموصل ، من الفرار إلى ألمانيا وتزويد مجلة ديرشبيغل العريقة بتقريره الذي كشف جزءا يسيرا مما يجري في الموصل وعموم المناطق السنية .
وقبل أن نتحدث عما كشفته المجلة الألمانية المشهود لها بالمهنية والعراقة ، لا بد لنا من وقفة مع دلالات طلب القوات العراقية من سكان الموصل القديمة وبعض الأحياء مغادرتها مساء الخميس ، دون أن تضع لهم خطة لهذه المغادرة ولا طريق نجاة ، مما دلل على أن الموصل القديمة التي ظلت عصية على هذه القوات طوال ثمانية شهور من بدء الحملة على الموصل لطرد داعش منها ، ستصبح عما قريب رمادا وركاما ، كما سبق وكتبنا هنا .
فبإعلان هذه القوات أن هجومها على ما تبقى من الموصل بات وشيكا ، وبطلبها من المواطنين الذين تقدر أعدادهم بـ 200 ألف مواطن سني المغادرة ، وهو أمر مستحيل ، فإننا ندرك حجم المذبحة التي تنتظر الموصل القديمة وسكانها قريبا ، ودون أن يرف جفن أحد من البشر سواء من العرب أم العجم لما سيحدث.
وبالتأكيد ، فإن الطائرات ستهدم الموصل القديمة ، وبالتأكيد فإن داعش الذي يتخذ من مواطنيها دروعا بشرية سيهزم فيها لعدم تكافؤ القوة ، حيث يقاتل تحالفا عربيا وأجنبيا انضم إليه مساء الخميس حلف الناتو ، ولكن لم يقل أحد ماذا سيجري للمدنيين ، لآلاف الأطفال والنساء والشيوخ الذين تحاصرهم القوات العراقية ضمن مساحة ضيقة صغيرة ، عدا عن نقص الغذاء والدواء لهذه الآلاف المؤلفة .
ما ينتظر الموصل القديمة هو ما نفس ما ورد في تقرير علي أركادي ، والذي صحا ضميره وفر من العراق بعد أن أخرج عائلته وطار إلى ألمانيا مستبدلا مشروعه الصحفي من " أبطال تحرير الموصل " إلى عنوان هو : " وحوش وليسوا أبطالا " وفيه فضح ممارسات إجرامية قامت بها ما يعرف بقوات التدخل السريع وغيرها من المسميات .
ولا أجد بأسا هنا من اقتباس بعض ما ورد في تقرير المجلة الألمانية وفق الجزيرة :
البداية
يقول أركادي : إنه " شهد أول عملية تعذيب وإعدام في يوم 22 أكتوبر/ تشرين الأول من العام 2016، عندما اعتقلت قوات الرد السريع شابين في قاعدة القيارة جنوب الموصل، وقامت هذه القوات بتعذيبهما لعدة أيام ومن ثم قاموا بإعدامهما " .
أضاف : " أن القوات الحكومية بعد أن سيطرت على قرية قبر العبد قرب حمام العليل، قام عناصر الاستخبارات باعتقال عدة أشخاص من بينهم "رعد هندية"، وهو حارس لأحد المساجد في القرية، حيث أخذوه واستجوبوه وضربوه لعدة ساعات وأطلقوا سراحه " .
إلا أنه عقب قائلا : " "بتاريخ 22 نوفمبر/تشرين الثاني داهمت ليلاً قوة مكونة من 10 أشخاص، وكانت القوات الأمريكية في مكان قريب وتراقب المداهمة عبر طائرة مسيرة، كان رعد هندية نائماً مع عائلته عندما قاموا باعتقاله للمرة الثانية، وقاموا بتعذيبه لساعات قبل أن يقوموا بنقله إلى مقر الاستخبارات، وهناك تم تعذيبه لمدة أسبوع، وبعد ذلك تم قتله مع عدد آخر من المشتبه بهم، وهذا حسب قول النقيب ثامر الدوري أحد ضباط الاستخبارات. وفي نفس الليلة اعتقلوا شاباً يدعى رشيد وكان بريئاً وشهد له عناصر استخبارات في الجيش، لكن ذنبه أن شقيقه الأكبر التحق بـ"داعش" هو وزوجته، توفي رشيد بعد 3 أيام من التعذيب ورأيت جثته في مقر الاستخبارات".
ويضيف الصحفي : الكابوس قد بدأ الآن، قوات الرد السريع قامت باعتقال العديد من الأشخاص من حمام العليل؛ من بينهم أب وابنه البالغ من العمر 16 عاماً، وتم اقتيادهم إلى مقر العمليات، الأب مهدي محمود تم تعليقه من يديه خلف رأسه وهو معصوب الأعين وقاموا بضربه على ظهره، وكان ابنه في الغرفة المجاورة وكان يستطيع سماع صراخ أبيه، مستطرداً "كنت هناك وقمت بالتصوير ولم يحاولوا منعي، وبعدها قاموا بضرب الابن أمام أعين أبيه وبعدها قاموا بقتله".
أضاف : " بعدها أصبحت الأمور خارج السيطرة أكثر فأكثر، وكنت أفكر وأقول كيف استطعت الوصول إلى هنا؟ لماذا يجعلونني أصورهم وهم يعذبون الناس؟ كيف يكون هذا وثائقياً عن التحرير من "داعش"؟ لكنهم لا يفكرون مثل الصحفيين؛ بالنسبة إليهم أصبح هذا الشيء أمراً عادياً، وبنفس الوقت قلت لنفسي يجب أن توثق هذا، وتثبت أنهم فعلوا هذه الأمور التي تظهر كيف ارتكبوا جرائم الحرب".
وقال : " إن المنطقة كان يعمل فيها صحفيون غربيون لكنهم يأتون في النهار فقط ويعودون إلى أربيل في المساء، مضيفا : " كنت أبقى وحدي مع القوات التابعة لوزارة الداخلية. في منتصف شهر ديسمبر/كانون الأول تم نقلنا إلى مقر آخر في بازوايا في الأطراف الشرقية لمدينة الموصل، كان هناك شقيقان ليث وأحمد وتم اعتقالهما بواسطة الفرقة الذهبية، وتم إطلاق سراحهما لنقص الأدلة، والآن تم اعتقالهما مرة أخرى وإحضارهما إلى هنا. في المساء لم يكن هناك ضباط فقط جنود وكانوا مسؤولين عن التعذيب، بدؤوا أولاً بضرب الاثنين أولاً بالضرب وبعدها وضعوا سكيناً خلف أذن أحمد، وكانت تقنية تعلموها من الجنود الأمريكيين. علي أحد الجنود تفاخر بذلك وفوجئت بأنهم سمحوا لي بالتصوير، وبقيت هناك لمدة ساعة وفي الصبح أخبرني أحد الجنود أن كِلا الشقيقين تم تعذيبهما حتى الموت، وأظهر لي فيديو فيه جثثهم حتى أنه أرسله لي على الواتساب، كما يروي ما حصل معه".
اغتصاب نساء
ويقول: "وصلت قوة من الرد السريع إلى بازوايا، وكانوا قد حصلوا على بعض الأسماء من أحد المخبرين لمن قيل إنهم أشخاص قاتلوا مع "داعش"، وفي نفس الليلة خرجت معهم في حملة مداهمة، قاموا بمداهمة أحد المنازل وأخرجوا رجلاً يدعى فتحي أحمد صالح، قاموا بسحبه من غرفة النوم حيث كان إلى جوار زوجته وأطفاله الثلاثة، أحد العناصر يدعى حيدر علي دخل إلى الغرفة وقال إنه سيقوم باغتصاب المرأة، وأنا رافقت البقية لأرى ماذا سيفعلون بزوجها، بعد 5 دقائق شاهدت المدعو حيدر علي أمام الباب المفتوح وفي الداخل المرأة وهي تبكي، فسأله النقيب عمر نزار: ماذا فعلت؟ فأجاب حيدر: "أنها حظيت بيومها". قمت بتصوير المرأة وهي بداخل الغرفة وبين يديها أصغر أطفالها، فنظرت إليّ ولكني كنت أصور بلا تفكير".
اغتصاب رجال
أضاف : " في أثناء ذلك قام بقية الجنود بإخلاء المنزل وسرقوا ما استطاعوا حمله معهم. السجين الأخير في تلك الليلة كان أحد عناصر الحشد العشائري السُّني، لكن الحشد الشيعي لا يحبون السُّنة لذا قاموا بأخذه لأحد الأبنية وقام أحد الجنود باغتصابه. وعندما عادوا إلى المقر سألهم المشرف الأمريكي عبر اللاسلكي: ماذا فعلتم؟ فأجابه النقيب عمر نزار: كل شيء؛ لقد أخذنا رجالاً ونساء وقمنا بنهب المنازل. فأجاب المشرف الأمريكي: حسناً أنتم تعرفون ما تفعلون " وعلق الصحفي قائلا : " الأمريكان كانوا على دراية بكل ما يحدث".
منافسة على النساء
وأضاف : "كان هناك نوع من المنافسة بين الشرطة الاتحادية وقوات الرد السريع، عندما قال عناصر الشرطة الاتحادية أنهم وجدوا امرأة حَسنة المظهر في أحد المنازل وقاموا باغتصابها، قال عناصر الرد السريع أنهم يريدون الذهاب إلى ذلك المكان مرة أخرى ".
أضاف :: "تخيلت أن تلك قد تكون زوجتي أو ابنتي. وعندما كان النقيب وأحد الجنود يضربان المعتقلين طلبوا مني أن أنضم إليهم وأشاركهم في ضرب المعتقلين. لقد كان موقفاً عبثياً الجميع عاملني كأني جزء من فريقهم. كان علي فعل ذلك لأني كنت خائفاً، فأنا كردي وأعمل لدى وكالة صحفية أمريكية ، وكانوا أربعة أشخاص ويحملون السلاح، وطلب مني عدة مرات أن أشاركهم، قمت بصفع أحد المعتقلين لكن ليس بقوة، كان أمراً فظيعاً وكان آخر شيء فعلته هناك".
وعن مغادرته سالما قال : " "ادعيت أن ابنتي مريضة وعدت إلى عائلتي في خانقين، وبقيت هناك بضعة أيام وبعدها أخذت عائلتي إلى مكان آمن خارج العراق؛ لأنه كان من الواضح أن حياتي ستكون في خطر فور نشري للأدلة التي تثبت هذه الجرائم".
واختتم تقريره بقوله : "الآن عرفت كيف استطاعت "داعش" السيطرة على الموصل وغيرها من المناطق السُّنية بسهولة " .
***
هذه الشهادة موثقة بالصور والفيديو ، ويبدو أن الصحفي الذي يعمل لصالح وكالة أمريكية آثر نشرها في المجلة الألمانية المشهود لها بالمهنية ولكن :
كيف مر تقرير علي أركادي على وسائل الإعلام ، ولماذا لم تعلق عليه وكالات غربية ووسائل إعلام تقول : إنها عريقة ، وهل ما تضمنه من فظائع سردها كأنموذج من عشرات الصور والجرائم كانت للتسلية ؟؟ .
نعود ونقول : إن طلب القوات العراقية من سكان الموصل القديمة المغادرة فورا ، وهو الطلب الذي أعلنته مساء الخميس يعني أن هناك المئات من قصص الجرائم التي ستحدث ، والتي تشبه تماما قصص علي أركادي الذي بات رأسه مطلوبا ليس فقط للإيرانيين وحلفائهم العراقيين ، ولكن لدول أخرى قد تكون بعضها " كبرى " .. فقصص كهذه ممنوع سردها ويجب أن تظل قيد الكتمان ،لأن المغتصبات والمغتصبين والأبرياء الذين قتلوا وعذبوا بجريرة تنظيم داعش الإرهابي هم مسلمون سنة ، وإذا أدركنا وفق دراسات مستقلة بأن 70 % من مهجري العالم هم من المسلمين ، فإننا ندرك سبب تجاهل الإعلام لمثل هكذا تقرير عن بشر يذبحون وتنتهك حرماتهم ولا بواكي لهم .
د.فطين البداد