فيصل الفايز والوزراء وقضايا أخرى
إذا كان من حق أحد انتقاد أداء الحكومة فإنه بالتأكيد ليس رئيس وزراء سابق أو أسبق ، لما يمكن أن يخلفه هذا الإنتقاد من مسائل إشكالية قد تفسر بأنها اتهامية ومقصودة .
هذا هو الشائع في انطباعات الناس والمسؤولين الأردنيين الحاليين ، مع أن هذا انطباع خاطئ وقد يكون مدمرا .
أي رئيس حكومة ، أو مسؤول سابق ، لديه بالتأكيد من الخبرة في مجال عمله ما يجعله يتحدث بعلم ، دون هرطقة، وإذا كان المسؤول الحالي - أيا كان - حريصا على أن يبدع وينجز ، فإنه لا بد له من أن يستمع لمن سبقوه ، وعليه أن يميز الغث من السمين ضمن قناعة موضوعية ، وليس انطلاقا من قاعدة العناد التي تطيح برأس صاحبها في النهاية .
أسعدني جدا ما نشرته المدينة نيوز مؤخرا بالفيديو من محاضرة لدولة رئيس مجلس الأعيان فيصل الفايز الذي تحدث عن التحديات التي تواجه الأردن حاضرا ومستقبلا ، وأكثر ما لفت انتباهي في حديثه هو تعليقه على طريقة أداء الوزراء .
ولقد اسدرك الفايز ، رئيس الحكومة الأسبق ، والذي شغل كافة مواقع المسؤولية في الدولة الأردنية من وزير للبلاط في الديوان الملكي إلى رئيس للوزراء إلى رئيس لمجلس النواب ، إلى رئيس لمجلس الأعيان الآن ، أي أنه شغل كل مناصب الدولة الأهم ، استدرك بأن الوضع الإقتصادي في البلد لا يسر صديقا ، ولما كان الأمر كذلك فإن على الوزراء مصارحة الناس وإطلاعهم على الحقيقة ، والإحتكاك بهم وبهمومهم ، فالأردنيون يستحقون أن ينزل المسؤول إليهم وليس أن يصعدوا إليه في برجه .
صحيح أن النزول إلى الميدان قد لا يكون ناجعا أمام واقع صعب ، ولكن من قال إن التقارير والدراسات التي تصل المسؤولين هي وحدها الكفيلة بإطلاعهم عما يجري وعن واقع الحال ، فإذا كان الأمر كذلك بالنسبة للأرقام ، فإنه ليس كذلك بالنسبة لقبول ورضا والتفاف الأردنيين حول الدولة ، وهم كذلك والحمد لله ، فالمطلوب كما يقول الفايز ، تنفيذ الإستراتيجيات وما ورد بأوراق الملك ، وفي نفس الوقت النزول إلى الميدان ومراقبة الجهاز الحكومي وتعامله مع الناس ومعاملاتهم والمستثمرين ومشاكلهم والمغتربين وقضاياهم إلخ.. ليشعر الناس أن همومهم ومتاعبهم وصلت إلى وجهتها الحقيقية ولم تدس في الأدراج او تركن على الرفوف مع الغبار .
لا يجوز التعامل مع الأردنين بفوقية ومن خلال الأرقام فقط وكأنهم اسكندنافيون ، فهم ما كانوا ولن يكونوا ، .. إنهم شعب عربي شرقي يريد أن يرى مسؤوليه أمام عينيه بعيدا عن الأبواب المغلقة والحجب ، والحرس الشخصي .
شعب حمل كل هذه الأعباء ، وكل هذه البطالة ، وكل هذا الغلاء ، من حقه أن يعامل بحب ورفق وتؤدة في الدوائر والمؤسسات والوزارات والمراكز الرسمية المختلفة ، فهذا الأردني ، هو الذي يسدد المديونية في النهاية ، وهو الذي ينفذ برنامج صندوق النقد ، ، أما المسؤولون فليسوا سوى موظفين يقبضون رواتبهم من جيوب الناس الذين آن الأوان أن يتم احترامهم كما يفعل الملك الذي حمل على كتفيه أدوات الإطفاء وسط النار والدخان حينما اشتعلت غابات الكمالية .
مجرد زفرات أحببت أن أنفثها ، وتحية من القلب للأخ العزيز والصديق فيصل الفايز .
د.فطين البداد