الأردن وترامب .. شيلوك العصر الذي فقد عقله
كان مشهدا مهيبا ذلك الذي ظهرت فيه قيادات رسمية وشعبية أردنية نيابية وحزبية وعشائرية ومن مختلف الفئات المجتمعية ، وبكل القرى والمدن والأرياف والمخيمات وهي تهتف للقدس وعروبتها ، وترفض قرار الأبله المعتوه الخائف من فقدان قواعده من المسيحيين الجدد الذين هم امتداد لبوش الإبن وكونداليزا رايس وديك تشيني وتوني بلير وغيرهم من المجانين المجرمين الذين أشعلوا المنطقة والعالم بطريقة حاقدة تعجز عنها كل مبتكرات الإطفاء .
لقد هب الأردنيون جميعا نصرة لبيت المقدس ، وباتوا متأكدين الآن بأن الرهان على الخارج وهم لا يجوز الوقوع فيه ، لتجيء الضربة الكبرى سياسية بامتياز من رئيس قال عنه أطباء أمريكيون مرموقون وكتاب معروفون وجهات أمريكية مختلفة بأنه فاقد للأهلية ، وإنه يمضي بالولايات المتحدة والعالم إلى التهلكة ، ويجب الحجر عليه في مصحة نفسية وعقلية .
وإذا كانت خطوة ترامب نقل السفارة إلى القدس المحتلة تعني أعترافا أمريكيا رسميا بالمدينة المقدسة عاصمة للكيان ، وانتزاعا للحق الفلسطيني والعربي والإسلامي والوصاية الهاشمية فإن هذا القرار الغبي الذي يناقض كل قرارات مجلس الأمن والأمم المتحدة ، سيجر العالم إلى غياهب من المفاجآت غير المتوقعة ولا المرصودة ، وسيذكي الإستقطاب ويؤجج الرد بمختلف صنوفه ، ويدعم التطرف ، لأننا نتحدث عن مليار ونصف مليار إنسان يرفضون هذا القرار ويعتبرونه مسا بعقيدتهم ، واقتحاما لغرف نومهم وأخص خصوصيات ذواتهم .. ويكشف حقيقة الموقف الأمريكي ليس فقط من قضية فلسطين ، بل من مختلف قضايا المنطقة التي يزنها تاجر البيت الأبيض" شايلوك العصر " بميزان البزنس غير الشريف ، والذي لم يكتف باللعب ضمن قواعد السياسة ، بل تخطى ذلك فاستطالت يده حتى داخل محرمات أمة نامت عن نواطيرها "وقد بشمن وما تفنى العناقيدُ " .
لم نكن يوما من الأيام مقتنعين بأن ظفر غيرك يمكنه حك جلدك ، قلنا هذا مرارا وتكرارا ، وها إن تفرق الأمة وتشرذمها جعل كل سقط العالم تتداعى عليها كما تداعى الأكلة على قصعتها ومن كثرة كاثرة ، وهي تطورات وقعت في أحلك الظروف وأشدها قتامة .
إن على الأمة مجتمعة ، إجبار هذا الأخرق على ابتلاع قراره وهي قادرة إن فعلت ، أما بخصوص الأردن ، فإن المطلوب هو التلاحم مع الدولة التي كانت سباقة في رفض القرار وإدانته واعتباره باطلا من خلال تبنيها نهجا ذكيا لا بد أنه سيعيد الأمور إلى نصابها بخطوات سياسية محسوبة في الإقليم والعالم، ومن أجل ذلك ، حذار حذار من القفز في الفراغ أو الإنزلاق في المجهول !.
د.فطين البداد