إغلاق صحيفة الدستور !
منذ العام 2011 والصحف الورقية عموما تعاني من تراجع إيراداتها وقلة إعلاناتها ، وإذا شئتم ، قلة قرائها لصالح الإعلام الجديد بمختلف أشكاله .
بيان الزملاء التصعيدي في جريدة الدستور والذين طالبوا فيه برفع رواتبهم وبأن يكون هناك ممثل لهم في مجلس الإدارة ، واتهامهم ممثل الضمان وأعضاء المجلس بعدم القدرة على إدارة الشركة ، يدل دلالة واضحة على أن الأزمة لن تقف عند حدود رفع الرواتب كما يطالب العاملون ، أو مطالبهم الأخرى ، فهذا حل لن يكون مجديا إلا على الصعيد المعنوي ، بل ربما نسمع عن خطوات تصعيدية أكبر وأشمل ، وقد فعلت النقابة حسنا عندما قومت مسألة الإعلانات الحكومية وغيرها من خطوات صبت في صالح الزملاء الصحفيين في الورقيات بالذات ، وإن كان من المناسب لو أن هذا الأمر شمل نشر الإعلانات الحكومية في المواقع الإخبارية أيضا .. خاصة وأن هذه المواقع باتت - بموجب القانون - متساوية مع الصحف في المسؤولية وموجبات الترخيص وشروطه ، ولكنها لا تعامل بالمثل إلا أمام القضاء ، وهو أمر مجحف ومخالف لقانون المطبوعات والقوانين المعمول بها.
أما إذا تعلق الأمر بالحكومة ، مثلا ، فماذا بإمكانها أن تفعل ؟ .
هي لا تستطيع أن تفعل شيئا لأنها " لا تريد " .. وهناك سبب آخر ، وهو أنه لا سلطة لها على الضمان وصندوق الإستثمار كما تزعم ، وفي المقابل : إذا كان صندوق الإستثمار والمساهمون هم الذي يتحملون الخسائر ، فمن سيعوض دافعي الإقتطاعات الشهرية من المواطنين العاديين ، من أولئك الذين لا علاقة لهم بالصحف ربحت أم خسرت ، ويسألون : لماذا ندفع نحن رواتب غيرنا ؟؟ .
هذا سؤال يطرح كثيرا ، ولكن من يطرحونه ينسون أو يتناسون ، بأن الصحفيين مشتركون بالضمان أيضا ، وإن إغلاق صحيفة بحجم وتاريخ وعراقة الدستور ليس سهلا ، وسيكون أمرا مكلفا لأي حكومة ، داخليا وخارجيا ، ومن أجل ذلك فإن الحكومات، أو إذا شئتم ، الضمان ، لا يقوى على اتخاذ قرار كهذا ، وإن كان بوده ذلك ، مع أن قانون الشركات واضح بهذا الشأن !.
إن على الزملاء في الدستور وغيرها أن يدركوا بأن استمرار الصحف الورقية سيكون كارثة مالية حقيقية ، وإن عليهم إلزام الإدارات بأن تطور من خياراتها وتحول الصحف الورقية إلى الإعلام البديل بدون المساس بحقوق أحد ، وأن تبحث عن حلول لجني الأرباح المتنوعة من الإستثمارات المختلفة إذا أرادت هذه الشركات أن تخرج من ورطتها .
كما وإن على الحكومة أن تحك رأسها ، فكما أنها تمارس سياسة " المنشار " تجاه المواطنين ، فإن عليها اجتراح حل لأعرق صحيفة أردنية مهددة بالإغلاق ، أم أن الحكومة تتدخل بأموال الضمان وقت ما تشاء ، وتعتبر ذلك محرما وقت ما تريد !.
أنصفوا الزملاء الصحفيين في صحيفة الدستور وكفى لعبا على الحبال !.
د.فطين البداد