اليوم العالمي للصحافة : المشهد الإعلامي الأردني باختصار
لمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة الذي صادف الخميس ، فإنني وجدت لزاما أن أتناول في مقال هذا الأسبوع جانبا آخر غير مطروق من العمل الإعلامي ، دون أن أعرج على المناسبة نفسها بما تستحق ، والتي لدينا عنها حديث يطول لا مجال له الآن :
فالمتتبع لوسائل الإعلام في الأردن يجد بأن أغلبية القنوات والإذاعات والمواقع الإخبارية والصحف تتناقل نفس الأخبار وتستنسخ نفس البرامج ونفس الأسلوب دونما خصوصية لأي منها ، أللهم إلا من رحم ربي .
فعلى صعيد الأخبار مثلا ، فلقد بات معروفا على نطاق الجمهور ،أن من يرغب في التعرف على أي خبر ما عليه سوى مشاهدة أي قناة أو الإستماع لأي إذاعة أو مطالعة أي صحيفة أو موقع إخباري ، سواء أكان هذا الموقع مرخصا أم غير مرخص ، أم تراه يبث من خلال لاب توب أو حتى هاتف جوال استأجر صاحبه " سيرفر " ببضعة دولارات ، حيث يبث الجميع نفس الخبر وغالبا ما يكون حرفيا إما كتابة أو نطقا .
الكل يعمل في نفس الظروف وتحت نفس الأجواء ، والصحيفة التي تدفع رواتب بعشرات الآلاف شهريا تفاجأ بأن مواقع إخبارية أو صحفا أخرى قامت بالسطو عليها حتى بدون ذكر المصدر ، بعد أن بات بالإمكان اختزال كل تقاريرها من دون أي عوائق ، مما " ضرب " تمايز الصالح عن الطالح والجيد عن الرديء .
هل يؤثر ذلك على استمرار الصحف أو وسائل الإعلام الجادة ؟
بالتأكيد نعم ،وبالأخص إذا لم تنتهج سياسة جديدة في تعاطيها مع الإعلام المعاصر ، وخاصة التعاطي بعقل منفتح مع ال Social Media التي باتت الآن هي المتحكم الرئيس بحجم الجمهور على اختلافه ، ولقد علمت مؤخرا بان إحدى الصحف اليومية أنهت خدمات 30 صحفيا من كوادرها ، وعلمت أيضا ، بأن إحدى القنوات التلفزيونية التي نشطت مؤخرا ، عادت وألغت قسما كاملا كان يغطي قطاعات حكومية مهمة ، مكتفية بنقل أخبار هذه القطاعات إما عن قنوات أو مواقع أخرى ، أو من خلال الوكالة الرسمية ، وذلك بسبب شح الإعلان وجفاف المصادر المالية وغياب عدالة المنافسة الموضوعية التي حيدتها جانبا فوضى الخبر الصحفي المتوفر لكل من يريد .
ما الحل إذن ؟ .
لا يكمن الحل بتشريعات جديدة كما يعتقد البعض من هواة القوننة " الفارغة " ولا بتطبيق القوانين القامعة للحريات ، ولا بإغلاق القنوات والمواقع والصحف والإذاعات أو التضييق عليها ، بل بتفعيل قانون مهم قلما يتطرق إليه أحد من الذين يدأبون على قراءة الواقع بسطحية بعيدا عن جوهر المشكلة :
إنه قانون الملكية ..
هل يطبق هذا القانون على الإعلام في الأردن ؟
بالطبع لا ..
من أجل ذلك ، فإن صحيفة أو موقعا إخباريا " مثلا " فيه العدد الكافي من المحررين والمندوبين لن يكون بمقدوره التميز عن أي وسيلة إعلام لا يعمل فيها إلا صاحبها فقط ، لأن أحدا لن يسأل هذا الشخص : لماذا سطوت على الأخبار والفيديوهات والصور التي هي ليست من حقك ؟..
سيظل الإعلام الأردني يدور حول نفسه ، إلا إذا تم تطبيق قانون الملكية هذا ، ويتبعه في الأهمية تفعيل قانون حق الحصول على المعلومة ، وبغير ذلك فإن صحيفة فيها العشرات مثلا ، وموقعا يضم 15 محترفا سيكون عاجزا عن منافسة موقع " اللابتوب المتنقل " بأي شكل من الأشكال ، إن كان هذا الأخير خبيرا في علوم الميديا الإجتماعية من فيس بوك وتويتر وأنستغرام ويوتيوب وغيرها ، لأن المحتوى " المتعوب عليه " منشور على النت ومتاح للجميع ، فتكون النتيجة أن الجمهور يتفاعل مع الثاني بأضعاف ما يفعل مع الأول وهنا تكمن النكتة.
كل عام والزملاء بالف خير .
د.فطين البداد