صندوق النقد وقانون الضريبة .. ماذا يعني فشل الرزاز ؟
اذا تم إدراج مشروع قانون الضريبة في الدورة الأستثنائية ، كما قلنا في المقال السابق ، من خلال ملحق بإرادة ملكية ، فإن الأمور تكون قد اتضحت تماما ، وهي أن الحكومة عجزت عن اقناع صندوق النقد بشأن توصيته المتعلقة بالقانون عموما وبجزئياته من مثل النسب الضريبية وخلافها من جهة أخرى .
وإذا كان الشرط الدستوري المتعلق بإدراج القانون ذا علاقة بالضرورة ، فإن الرأي الذي يقول بانه ما من ضرورة لإدراجه لن يصمد أمام إصرار الصندوق على تمريره بغض النظر عن رأي الحكومة والناس فيه .
المعلومات التي انتشرت وكانت مدار حديث الشارع الاسبوع الماضي تقول بأن الصندوق رفض أي تعديل على المشروع الذي أغضب الناس وطارت بسببه الحكومة السابقة ، مما يعني بأن هناك نكوصا من قبل الحكومة عن وعودها حينما أكدت على التعديل " الحقيقي " ، أللهم إلا اذا كنا مخطئين ورأينا مفاجآت في الأيام القادمة .
الرزاز وعد بقانون توافقي ، ولدينا الآن في النقابات رئيس مجلس نقباء جديد ،وعلى الرغم من أن الشارع ينتظر تنفيذ الوعد الحكومي ، إلا أن كل المؤشرات تقول بأن الرياح ستجري بما لا تشتهي سفن الشعب ولا الحكومة ، فالنواب ، بمن فيهم أولئك الذين توعدوا برد القانون لن يستطيعوا تمرير رأيهم على الأغلبية التي من المؤكد أنها ستقر القانون مع أجراء تعديلات طفيفة عليه حفظا لماء الوجه كما يقال .
قد يتم ابراز التغيير الطفيف الذي سيطال النسب والاقتطاعات وكذلك ما سيحل بضريبة المبيعات والطنطنة على هذا الوتر اعلاميا لإخماد الغضب أو تبريده على الأقل ، ولكن القانون ، سيظل - في النهاية - محتفظا بالجوهر وسيتم أقراره بخطوطه الرئيسية ، ونعتقد بأن كل ذلك هو ، بالإضافة لما قلناه ، توطئة لموازنة 2019 .
كانت هناك تجارب كثيرة لحكومات رفضت وصفة الصندوق وتمكنت من اقناعه بأن الصيغة التي يقترحها غير عملية ومن شأنها التأثير على البلد اجتماعيا وامنيا ، وقد نجحت بالفعل في أكثر من مرة بإقناع الصندوق بما تريد ، أما أن تستسلم الحكومة الحالية وتمرر نفس القانون مع اجراء تعديلات قشرية عليه فإن هذا يعتبر فشلا ، ومن أجل ذلك سمعنا أصواتا غاضبة ، ولكننا نقول لأصحاب هذه الاصوات : على رسلكم حتى تتضح الصورة أكثر فالكل تحت الفلقة : حكومة ومواطنين لأن الصندوق الذي يرفض مقترحات الحكومة ماض في غيه ، وفي هذه الحالة فإن الحكومة تكون قد بلعت طعم التطمينات الكاذبة التي تلقتها ، أو تلك التي وعدت بها الأردنيين ، ولقد سمعنا عن إلغاء زيارة وفد وزاري اقتصادي للصندوق في واشنطن ، كناية عن أن كل الجهود الحكومية ذهبت سدى .
من جانب آخر ، ولنكن واقعيين : فإن الحكومة لن يكون بمقدروها فعل شيء إذا أصر الصندوق على القانون المسحوب خاصة وأنه ليس أمامها من بدائل عملية أخرى ، وهي بذلك تخلف بوعدها للشعب ولممثليه ، وأيضا ، فإنه وبعد هذا فإنه لا يخفى على اللبيب الخبير من المطلعين بأن سلامة الإقتصاد العالمي الذي أسس الصندوق من أجله بمعاهدة دولية في العام 1944 ليس سوى كذبة مفضوحة ظهرت سماجتها من خلال التسييس الذي يعتمده الصندوق مع الدول المدينة بملفاتها المختلفة ، حيث إن هذا الصندوق الذي أهلك الحرث والنسل في أغلب بلدان العالم موجه وفق رغبات الدول الكبرى وهو لا يؤمن اطلاقا بمقولة " لا يموت الذيب ولا تفنى الغنم " إذ المهم لديه بقاء الذئب حتى لو بات وحيدا في صحراء تضج بالعواء والخواء بلا ثغاء ، وهو ما نحذر الناس منه ونحثهم بسببه على الحفاظ على بلدهم وأن يضعوه في عيونهم حتى تتحسن الظروف ونحبط ما يحاك للبلد من مؤامرات بدأت تطل برأسها مؤخرا ، إلى أن "يقضي الله أمرا كان مفعولا " .
د.فطين البداد