عليكم بالعفو العام وحذار من العفو الخاص
يترقب الاردنيون باهتمام بالغ ما سيؤول اليه قرار اللجنة الوزارية التي شكلها رئيس الحكومة الدكتور عمر الرزاز بشأن قانون العفو العام ، والمكونة من كل من وزراء العدل والمالية والدولة للشؤون القانونية .
وإذا كان رئيس الحكومة سيعلن خطته المقررة لعامين عقب خطاب العرش المرتقب لجلالة الملك في افتتاح أعمال الدورة العادية لمجلس الأمة منتصف الشهر المقبل ، فإن قانون العفو العام سيكون من ضمن خطة الحكومة إن تم التوافق عليه من قبل اللجنة المذكورة .
ولا ابالغ إذا قلت بأن وزراء في الحكومة يرفضون اصدار قانون للعفو العام ومن بينهم وزير من أعضاء اللجنة نفسها كما أخبرني مصدر موثوق ، إذ تقول معلوماتي - كناشر إعلامي - بأن هناك وجهات نظر طرحت بشأن إصدار عفو خاص ، ولكن المداولات والمناقشات و" السجالات " لا زالت مستمرة بين الرافضين لإصدار العفو العام ، والداعين للعفو الخاص ، والموافقين على أحدهما والرافضين للآخر والمصفقين لمبدأ العفو كله من الأساس .
وفيما يتعلق بالعفو الخاص الذي يدعو إليه أعضاء في اللجنة ، فإني أرى بأنه يعني إرباك جهاز وزارة العدل والقضاء بسبب استحالة دراسة ملفات 17 ألف محكوم .
كما أنه يعني أن يتبارى ذوو النفوذ والقوة والسطوة في إخراج الأقرباء والأنسباء والحبايب والمعارف ، بينما يذهب المحكومون الفقراء ممن لا ظهر له تحت الرجلين ، كما يقال ، بالإضافة إلى أن العفو الخاص يعني أن يتم تنسيب بالأسماء لجلالة الملك من خلال الحكومة مباشرة ، أي أن لا يكون هناك اية رقابة من خارج السلطة التنفيذية لا على الأسماء ولا على الشروط بطريقة تضمن العدالة .
إضافة لذلك فإنه يعني أن تفتح ابواب بعض النافذين للمتاجرة وجني الأموال نظير التنسيب بإخراج المحكوم فلان ، أو المحكوم علان ، بعيدا عن أعين الرقابة أو الحكومة وبما يعنيه ذلك من " تشحيد " الناس واجبارهم على بيع ما يمتلكون من متاع لإخراج أبنائهم من السجون ، فالعائلة ، أي عائلة ، مستعدة لدفع اي مقابل مادي نظير اخراج ابنها من حبسه ، دون أن يعني هذا اتهاما لأحد بقدر ما هو تفسير لانطباعات قد تظهر ، إعمالا لقاعدة " درء المفاسد أولى من جلب المنافع " ..
كما أنه يعني صب زيت الاحقاد والشعور بالظلم على العلاقات الإجتماعية بين الأردنيين ، وبذلك تكون الحكومة وبدلا من أن تدخل البهجة على قلوب الناس قد فعلت العكس وربما يؤثر ذلك على الأمن الاجتماعي ويثير البلبلة .
كما أنه بمعنى ، أو بآخر ، تشجيع للمخطئ للتمادي بخطئه ، بدل ان يكون السجن قد قام بإصلاحه ، وكما يقول المثل : من أمن العقوبة أساء الأدب ، خاصة إذا أحس بأنه تم اختياره بالذات وهو ما يعنيه العفو الخاص أيا كانت مبرراته واحتياطاته العدلية .
كثيرة هي السلبيات التي قد يتسبب بها العفو الخاص ، ومن أجل ذلك ، فإن العفو العام يكون أعم وأشمل وأعدل ، ومن شأنه تبريد الناس وتحسين العلاقة بينهم وبين الدولة من جهة ، وبين رئيس الحكومة والنواب من جهة أخرى في ظل حاجة الأولى لإقرار قانون الضريبة .
هذه ملاحظاتي للجنة الوزارية العتيدة ، فحذار من العفو الخاص إلا إذا اردتم أن يحدث كل ما حذرنا منه أعلاه .
د.فطين البداد