منتحرون ومنتحرات على جسر عبدون .. لماذا ؟
لعل قراءة نفسية واجتماعية لاختيار البعض تنفيذ عمليات انتحار او التهديد بها سواء من على جسر عبدون ، او على غصن شجرة في موسم قطاف الزيتون ، أو غيرهما تفضي الى أن هؤلاء المنتحرين ، أو المحاولين كانوا يقصدون لفت الإنتباه اليهم واحداث ضجة لقضية كل منهم .
جسر عبدون في الأردن بات يشبه صخرة الروشة بلبنان ،او خزان بيدوك في سنغافورة أومترو انفاق لندن وكل هذه وعشرات غيرها اشتهرت كوجهات للمنتحرين ، وبالتأكيد لقضايا اخرى .
ولما شهد هذا الجسر وغيره من الأماكن عمليات انتحار متعددة ، وأخرى عمليات" تهديد " فقد يوشك اسمه على أن يقترن بهؤلاء الذين يقول متخصصون بأن أغلبهم يعاني من اكتئاب ، وكان بالإمكان عدم لجوئهم الى الانتحار لو توفر لهم العلاج .
المشكلة ، أننا نسمع ونرى ونقرأ عن هذه المحاولات ، أو عن عمليات الانتحار التي نفذت بالفعل ، دون أن يكون هناك في الجانب الآخر من يتعمق في هذا الملف لنعرف أين نمضي ، وهل بات الأنتحار ظاهرة في الاردن ، وإذا لم يكن كذلك ، فلماذا لا يكاد يمر شهر إلا و نسمع عن العثور على شخص منتحر اسفل الجسر ، أو شخص تم اقناعه بالعدول عن فكرته ، او شخص لف حبلا على رقبته في مكان ما ، مع أن ذوي الاختصاص ينبئوننا بأن قرار الإنتحار قرار صارم من قبل متخذيه ، لأن صاحبه فكر وقرر واستعد للتنفيذ وامتلأ بفكرة الموت دون أي التفات لأي كان ، وفي نفس الوقت ، فإننا نشهد محاولات الغرض منها هو لفت الإنتباه لقضية ما ، أو حاجة شخصية محددة ، أو حتى لمجرد العبث والاثارة . .
واللافت أن وزارة التنمية الاجتماعية ، لم تطلعنا حتى الآن على أي دراسة موضوعية علمية تكشف الأسباب الحقيقية لهذه " الظاهرة " رغم أنها " وزارة للتنمية الاجتماعية " لديها مرشدون ومرشدات واطباء ومراكز متخصصة ، وما يزعج هو أن الوزارة - وكما يبدو - استمرأت دورها الراهن الذي حولها الى " صندوق معونة " فقط ، ومراكز ايواء للاحداث المحكومين ومجهولي النسب ليس إلا .
إن على الوزارة أن تعي دورها وأن تأخذ هذه القضية على محمل الجد ، طالما أن مراكز الدراسات والجامعات لم تفعل ، وإن عليها أن تدرس الحالات حالة حالة ، لأن جل ما يقوله المتخصصون عنها بإنها ذوات أبعاد نفسية واجتماعية ، فهي - بالتالي - قضية من اختصاص وزارة التنمية وليس من اختصاص وزارة الزراعة !
د.فطين البداد