رمضان واسعار الغذاء والدواء في الاردن
لفت انتباهي تصريح منسوب لرئيس الحكومة الدكتور عمر الرزاز يطمئن فيه الاردنيين على توفر المواد الاستهلاكية في رمضان ، خاصة وأن بداية كل رمضان تشهد ارتفاعات غير مبررة للعديد من السلع .
وأيضا تصريح مماثل عن خطة حكومية شبه فورية لشمول جميع الاردنيين بالتأمين الصحي اعتمادا على الدراسات السابقة التي اوسعت هذا الأمر بحثا .
وفي المقابل ، لفت انتباهي تصريح متزامن لرئيس لجنة الاقتصاد النيابية الذي دعا لاجتماع هذا الاسبوع مع كل المعنيين بالادوية لمناقشة شكاوى الاردنيين من ارتفاعات جنونية في اسعار بعض الادوية .
في الدول الغربية بل والشرقية على حد سواء ، تهبط اسعار السلع في الاعياد والمناسبات ، ولهذا الانخفاض عدة فوائد ، ابرزها : بالنسبة للتجار هو زيادة المبيعات أضعافا مضاعفة لعدة مرات عن الأيام العادية ، وكذلك الأمر بالنسبة للمصانع التي تنتظر هي الاخرى مثل هذه المناسبات ولأجلها تقوم بتشغيل خطوط انتاج جديدة ، وكله بدواعي الربح وهو حق يستفيد منه المستهلك والتاجر والمصنع والدولة على حد سواء ، ولكن في الدول النامية تنقلب الآية ، فتتحول المناسبات والأعياد الى ويلات يذوق بأسها المواطنون الغلابى .
واستغرب ، كيف أن بلدا منتجا للادوية مثل الاردن تجري فيه هذه الضجة وتسجل فيه هذه الشكاوي مع أنه متميز بصناعة الدواء ، ولكن الاستغراب يتلاشى اذا علمنا بأن 80 % من منتجات المصانع الاردنية يتم تصديرها للخارج ، ومن اجل ذلك ، فإن الاردني المسكين يقع تحت تأثير التسعير غير المنصف ، والامر ينطبق ايضا على المواد الاستهلاكية الاخرى وعلى الفاكهة ، والخضار وغيرها ، حتى باتت هناك قناعة شعبية تقول : إنه إذا ارتفعت الاسعار فجأة فهذا معناه أن باب التصدير قد انفتح على مصراعيه ، أي أنه لا حساب لاحتياجات الاردنيين في هذه المعادلة ، والامر بالضبط يشبه اسعار العشرات من المراكز وأضرب مثالا على ذلك - لتقريب الفكرة - مراكز الاسنان المنتشرة في عمان بطريقة لافتة وعليها قس :
فأنت إذا ذهبت لمركز اسنان ، وكنت اردنيا ، فإنك لن تتمكن من علاج اسنانك إلا إذا كنت مقتدرا ، وأخبرني أحدهم بأنه ذهب لأحد هذه المراكز ، وبعد أن تم تصوير فكه بالاشعة اعتقد بأن سعر الصورة لن يتعدى العشرة دنانير او العشرين دينارا او حتى ثلاثين على الاغلب ، وإذ به يفاجأ بأن عليه دفع 80 دينارا ، ولما احتج لدى المركز تبين له بأن هذا هو السعر المعتمد وعند سؤاله عن طبقة الاردنيين الذين يتعالجون فيه اخبروه بأنهم لا يعالجون الا المرضى العرب ، وبالتأكيد استثني بعض هذه المراكز .
من هو الذي سيراقب الاسعار في رمضان وفي غير رمضان ، وأتحدث هنا عن المواد الغذائية والدواء ، ولا اقصد قطاع الألبسة الذي بات مقدورا عليه بسبب كساد سوقه " رحم الله الدكتور ملحس " دون أن يفوتني التنويه بأن تسعير الادوية يتم من خلال قانون الدواء والصيدلة وبأن ترخيص المصانع يتبع المؤسسة العامة للغذاء والدواء ،فمن يشرف على تطبيق هذا القانون أصلا ، وما هو دور هذه المؤسسة المهمة ، هل هو مقتصر على اصدار التراخيص فقط ؟ .
بإمكاننا الخوض صفحات طوال في هذه المسألة ، ولكننا نختصر مختزلين الأمر كله في أن المواد الاستهلاكية ، من غذائية وغيرها ستكون متوفرة في رمضان كما وعد رئيس الحكومة الذي لا نشك بحسن نيته ونظافة قلبه ، ولكن ماذا عن الاسعار ، وايضا ، فإن التأمين الصحي الشامل مقدور عليه ولكن : هل سيكون مقدورا على الدواء ، أم سنظل نشهد روشيتات الأطباء الحكوميين تصرف في الصيدليات الخاصة لعدم توفر الادوية ؟؟ .
نأمل أن تفي الحكومة بوعودها ، وخاصة في هذا الشهر المبارك ، لأنه بغير ىذلك ، فإن الذين لا يملكون قوت عيالهم لا بد سيبيتون ليلهم على الطوى بين نوعين من الأنين : أنين الجوع ، وأنين المرض !.
د.فطين البداد