الاردنيون بين شد الاحزمة وربط " الامعاء "
لعل وزير المالية الاردني السيد محمد العسعس من اكثر وزراء الاردن مباشرة هذه الايام بسبب ما يتوقعه هو مع اوساط اقتصادية مختلفة من آثار ستخلفها كورونا على مجمل الاقتصاد وعلى موازنة هذا العام بالذات .
لم يعتد الاردنيون ان يخرج عليهم وزير المالية ليتحدث بكل صراحة عن واقع الموازنة كما فعل الوزير مع موازنة 2020 ، بل ان الوزير العسعس "" بق البحصة " كما يقال واطلق شارة التحذير منذ الآن .
الوزير كشف بان عجز موازنة هذا العام سيزيد بحدود مليار دينار اردني عما كان متوقعا ..
الذي لم يقله الوزير هو ذلك الذي كان متوقعا ، ولعله اراد ان يرجع المواطن نفسه الى الارقام لكي لا تتضاعف الصدمة .
حسنا ، لو رجعنا لموازنة 2020 التي اقرها النواب منتصف كانون ثاني الفائت لوجدنا بان العجز المتوقع هو مليا ر و600 مليون دينار ، أي اننا اذا اضفنا الرقم الذي توقعه الوزير، فإن العجز سيسجل مليارين و600 مليون دينار وهو رقم مرعب استنادا لايقاع الاقتصاد في الاردن .
المشكلة ليست هنا فقط ، بل في ما سبق وطلبناه من الحكومة في مقال سابق ، وهو اللجوء الى الاقتراض لأنه لا حل سواه .. ولكن هذا الامر "الاقتراض " لم يعد متاحا هو الآخر كما تشتهي الحكومات المدينة المتعبة ، وهذا ليس كلامي بل كلام الوزير الذي قال حرفيا : " انه وبسبب كورونا ، فإن اسو اق التمويل العالمية جفت " .. هكذا قالها بكل تجرد .
ليس هذا فقط ، بل اعترف ايضا بان القروض التي يتسلمها الاردن من الدائنين يتم استهلاكها جميعها ولا تذهب لأي استثمار ، والمقصود هنا كما يبدو ذهابها للرواتب وخدمة الدين وما شابهه .
ووفق معطيات ، فإن ما يصل الى 650 مليون دينار تذهب شهريا للرواتب ولخدمة الدين ، وهذه الاخيرة : خدمة الدين تبلغ وحدها في سنة 2020 حوالي مليارا و500 مليون دينار ...
واذا علمنا بان حجم الانفاق في موازنة هذا العام تبلغ 12 مليارا و500 مليون دينار ، واذا حسبنا الاضرار التي تسبب بها كورونا والتي قدرها الوزير بحوالي مليار دينار اضافي ، وايضا اذا اضفنا اليها عجزا مقدرا في العام 2020 يبلغ مليارا و600 مليون دينار ، مع الاخذ بعين الاعتبار ان حجم الدين وصل الىى 30 مليار دينار اي ما يصل الى 42 مليارا و200 مليون دولار وبأنه تجاوز حاجز الـ 97 % من الناتج الاجمالي، إذا اخذنا كل ذلك بعين الاعتبار فإننا ندرك فورا طبيعة القلق التي يعيشها الوزير والحكومة وبالتالي المواطن .
واستذكر بهذا المقام تصريحا لرئيس وزراء لبنان بشأن سعر الصرف واقول بهذا الصدد : أعان الله البنك المركزي .
خلاصة القول : أن الاردنيين كانوا مطالبين قبل كورونا بربط الاحزمة ، أما الآن فإن عليهم ربط " الأمعاء " !.
د .فطين البداد