الدكتور سعد جابر وحظر الجمعة
يبدو أن نجم وزير الصحة الهمام الدكتور سعد جابر بدأ بالغياب شعبيا ، وإن كان قد سطع منذ بداية الجائحة حتى الآن .
الغياب المراد هنا ، هو ما تلقاه الوزير من انتقادات بسبب قرار الحظر الذي طبق الجمعة في عمان والزرقاء لاسبوعين على التوالي ، ونحن هنا نتحدث عن عدد سكان نصف المملكة تقريبا ، والأمر لم يعد مقتصرا على انتقادات الناس ، بل شمل ايضا حتى بعض المسؤولين ، والاحزاب ، والقطاع التجاري وغيره ، بينما ذهب البعض الآخر - للهروب من تبعات الغضب الشعبي - إلى الافصاح علنا بأن الحكومة انصاعت في النهاية لقرار الوزير الذي طلب فرض الحظر الشامل في العاصمة والزرقاء ، وإلا فإنه لن يتحمل تبعات عدم التنفيذ ، مما اجبر رئيس الحكومة وخلية الازمة على الاستجابة لكون الامر صحيا هنا ، ولكون جابر هو المسؤول عن الصحة في البلد ويجب الانصياع لقراراته .
المواطنون ، بدورهم ، لم يسكتوا هذه المرة ، ووجهوا انتقادات وصلت الى رسوم كاريكاتورية ونشر فيديوهات وجدت رواجا كبيرا من قبيل فيديو صور شارعين في ماحص ، أحدهما يتبع البلقاء ، وهو يعمل الجمعة ، بينما يقابله شارع يتبع العاصمة عمان ومحلاته مقفلة ، رغم أنهما في نفس المكان ، مما أوجد تندرا وتعليقات ناقدة ( وهذا مجرد مثال ) بل وصل الامر الى اتهام البعض وزير الصحة بالتسبب بعدم بر الوالدين في يوم مبارك ومنع لقاء آلاف المواطنين بأهاليهم وذويهم واصدقائهم وعقد المناسبات الاجتماعية وغير ذلك مما اعتبروه لازما ومن الضروريات إلخ ..
طيب ، الدكتور سعد جابر ، وجد بأن الاصابات في عمان والزرقاء بالعشرات ، وأنه ما من طريقة لوقف زيادتها إلا بالحظر وفق رؤيته ،ومن واجبه أن يتحمل مسؤولياته تجاه وزارته وما تعنيه ، والحل لا يكون بوضع الرجل في قفص الاتهام وتحميله مسؤولية خنق الناس ، بل بإيجاد طريق ثالث يوائم بين وجهتي النظر ، وإلا فإن من واجب كل مسؤول أن يكون مسؤولا في وقت تتصاعد فيه الاصابات ، ثم لا يجب أن ننسى بأنه تم افتتاح المدارس وما يعنيه ذلك من مخاطر .
وللحق ، وإذا اردنا الانصاف ، فإن قرارات صدرت من الحكومة اعتبرت ليست ذات بال ، من مثل تخفيض فتح المنشآت من الحادية عشرة الى العاشرة مساء ، حيث يتساءل المرء : ما هي الفائدة الصحية من تقليص فتح المنشآت ساعة واحدة ، وهل فطن واضعو هذا القرار بأنهم يخربون بهذه الساعة بيوت أصحاب المهن والمحلات والمطاعم وغيرها من المنشآت ، إذ كي لصاحب مطعم ، مثلا ، أن يعمل بينما مطلوب منه الاغلاق في العاشرة، ثم من هو الشخص أو العائلة التي ستخرج الى المطعم أو الكوفي وهي متأكدة بأنها ما أن تجلس حتى يطلب منها المغادرة ، ألم نكن بذلك جنينا على صاحب المنشأة والعاملين فيها ، بل وعلى حصة الحكومة نفسها من التحصيلات ..
نفهم أن وزير الصحة طلب حظر الجمعة ، ونفهم بأنه قرار مبالغ فيه ولكن هذا رأيه ، ولكننا لا نفهم كثيرا مما يجري بخصوص هذا الفايروس إلى أين يأخذنا وإلى متى .
كل العالم يتجادل في الطريقة الناجعة لمواجهة الجائحة ، وكل العالم يختلف ويتناقش ، أما نحن في الاردن ، فإنه لا يجب أن ننسى بأن وزير الصحة هو الذي سطع نجمه لأسباب موضوعية ، ولكن ، وكما يبدو ، فإنه يراد أن يخفت لأسباب موضوعية أيضا ، ولكن هذه الأسباب ليست حاسمة ، وفيها كثير من النظر .
د . فطين البداد