الأردن : كورونا وارتفاع الاصابات
طالما أن فايروس كورونا لم يعد بالإمكان تحديد بؤره ولا كيف انتشر فيها سواء من الحاملين له او المنقولة اليهم العدوى ، فإنه يفترض منذ الآن فصاعدا عدم المكابرة والاعتراف بالعجز ، وهو ما يتطلب جرأة ومصارحة تمتع بها الناطق باسم لجنة الأوبئة كما يبدو ، آملين استمراره بهذا النهج .
يوم الجمعة الفائتة ، ولاول مرة ، تجرأ الدكتور نذير عبيدات وقال بأنه لم يعد بالإمكان السيطرة وبأن التعويل الآن على المواطن .
طيب ، لماذا تم اغلاق البلد اغلاقا شاملا ، وإغلاقا مناطقيا في اكثر من محافظة إذا كان الهدف منع الانتشار ، وهو سؤال كبير أجاب عليه الدكتور عبيدات قائلا : إننا كنا نحاول منع الفايروس من دخول الأردن " .
حسنا : لقد دخل الفايروس الأردن كا حدث مع كل دول العالم ، فهل سنحدد خيارات بعينها بعد كل هذه التجارب الذاتية والدولية أم أننا سنعود إلى الاغلاق كما يطالب البعض ، وهو ما لن يزيد الامور الا تعقيدا على مختلف الصعد وابرزها الأوضاع المعيشية والاقتصادية .
يجب أن تتخذ اجراءات ، هذا صحيح ، ولكن يجب أن يراعي متخذو هذه الاجراءات بأن العملة الصعبة التي هي مربط فرس الاستيراد وخاصة المواد التموينية باتت شحيحة ،وتحويلات الأردنيين كمثال من عدة أمثلة ما انفكت تتراجع تباعا بحيث سجلت خلال السبعة شهور الماضية ما نسبته 9.8% أي أن التحويلات خلال الفترة المذكورة هي فقط 1.384 مليار دينار ، ناهيك أن الدخل المتأتي من السياحة تراجع بنسبة 63.7% خلال الشهور السبعة الماضية من عام 2020 ولم يدخل البلد من السياحة سوى 819 مليون دينار .
وللتذكير ، فإن أغلب هذه الأرقام تتحدث عن جزء من الوارد من الخارج ، دون أن ننسى انعكاسات ذلك على مختلف القطاعات المتأثرة ، ناهيك عن آثار الفايروس بشكل عام على الأسواق والمداخيل والعجلة الاقتصادية ودخل الحكومة من الضرائب وغيرها ، ولكننا أوردنا الأرقام السابقة لنذكر بأن أي خطوة خاطئة في تقويم الوضع الوبائي سيكون بحد ذاته كارثة توازي كارثة الفايروس ومخلفاته باستثناء طبعا الخسائر البشرية التي لا يمكن تعويضها أو تقديرها .
مثال لا بد من ادراجه هنا كان سببا اضافيا في حديثنا عن هذه القضية : وهو أن الحكومة سمحت اعتبارا من الثلاثاء بدخول كافة الفئات من صفراء وحمراء وخضراء ضمن قواعد من أبرزها أن القادمين من الدول الخضراء ممن يحملون نتيجية سلبية في فحص الكورونا ، فإنهم وفي حال ظهرت نتيجة فحصهم في المطار عند القدوم بأنها سلبية أيضا ، فإن بإمكانهم الذهاب إلى بيوتهم من دون حجر ، وهو ما باتت عليه التعليمات التي حفظها المواطنون والقادمون ، إلا أنه وفي نفس اليوم ، اي يوم الثلاثاء نفسه ، تم تعديل التعليمات قبل ان يجف حبرها ، بحيث قضى التعديل بأن اي قادم سيخضع للحجر المنزلي بغض النظر عن نتيجة فحصه ، فهل يعتبر هذا تصرفا رشيدا أيها السادة ؟ قس على ذلك استفتاء طرحه وزير الصحة على الأردنيين من خلال حسابه في تويتر طالبا منهم موافاته بآرائهم حول حجر الاطفال في منازلهم ، وهو ما اغضب مغردين تساءلوا : هل تستقون قراراتكم من آراء الجمهور ام من قواميسكم الطبية المختصة ؟؟ .
يجب أن نرسو على بر ، كما ويجب الأعتراف بأننا في الاردن بذلنا جهودا كبيرة في محاربة الفايروس ، ولكن العبرة دائما في النتائج ، ونخشى ما نخشاه أن ما كنا نفعله طوال الفترة السالفة لم يكن سوى " حراث جمال " .
حمى الله الأردن .
د . فطين البداد