لماذا لم يكسر احد " جرة " خلف الرزاز ؟
أبلى بلاء حسنا كما يقول مريدوه ، ولم يحسن الاداء كما يقول منتقدوه ، الا ان الحقيقة والتي يجب الاعتراف بها ، هي ان رئيس الحكومة السابق الدكتور عمر الرزاز لم تسعفه الظروف ليحقق البرنامج المطلوب منه ولعوامل كثيرة كان اخرها مفاجآت هذا العام بايامه ولياليه الجائحة .
منتقدوه يقولون بانه لم يفعل شيئا سوى فرض الضرائب وبانه غادر دون أن يتلقى من الاردنيين قبلة وداع بعد ان اضاف الى المديونية 4 مليارات دينار .
ولكن الرجل ، شئنا ام ابينا ،حاول أن يفعل شيئا فاصطدم بعقبات ، وقد كان دمثا وهادئا ودبلوماسيا ، فهو الذي جاء على وقع اعتصامات الرابع الشهيرة ، وما ان حط رحاله حتى داهمه فيضان البحر الميت ، وما لبث ان عمل بجهد جهيد على اقرار قانون الضريبة الذي خرجت ضده تلك الاعتصامات ، ولم يكن يخطر بباله بأنه سيواجه احتجاجات " مهنية " من نقابة المعلمين لتكون مع كورونا اخطر التحديات في مسيرته كرئيس وزراء .
وجد ترحيبا شعبيا مقبولا بسبب أنه رجل بدون أي ماض سيئ ، وبسبب كونه خبيرا اقتصاديا و" دكتورا " من هارفرد ومونتانا ، وله باع طويل في الاقتصاد بعد شغله رئاسة صندوق الملك عبد الله للتميز ومنتدى الاستراتيجيات الاردني ومديرا للضمان الاجتماعي ومديرا للبنك الدولي في بيروت وواشنطن ، اي أنه لم " يبلش " داخليا بالقدر الذي يطبعه بعض الساسة الاردنيين في الذاكرة ، وهو من اجل ذلك كله ، ولكونه ليبراليا بثقافته ، حظي بالرضا في البداية فآثر أن يكون منفتحا وشفافا ، ولأن الهم الأردني الشعبي اقتصادي بامتياز ، فإن شعبية الرزاز وفي اخر استطلاع علمي لحكومته هبطت الى مستويات دنيا ، لانه وباختصار لم يعالج لا الفقر ولا البطالة ولا حتى مشاكل التعليم التي قيل انه ذو باع طويل فيها .
يغادر الرزاز بمشاعر مختلفة من قبل الجمهور ، ولكن الشيئ الثابت أن الرجل دخل نظيفا وغادر نظيفا ، ويؤكد مقربون منه بأن هاجسه " الشخصي " كان ان يغادر محافظا على ارث عائلته التي تحظى بالاحترام ، ونحسب أنه نجح في ذلك نجاحا باهرا رغم كل المحطات التي أوقفته أو توقف عندها ، او تلك التي اجتازها بصعوبة .
يغادر الرزاز دون ان تكسر خلفه الجرار ، وفي النهاية : لو دامت لغيرك لما وصلت اليك .
د.فطين البداد