عن حكومة الخصاونة
كان اسم رئيس الحكومة الجديد يتردد لدى بعض الخاصة ، دون أن يؤكده الإعلام لاسباب ليست وجيهة .
32 وزيرا ، وكأن المرحلة توجد للخصاونة عذرا في أنه ، وبرغم مهمته الصعبة ، يدرك بأن تلقي العون من " الهدوء " مطلب يعز على كثير من الرؤساء ، وإذا ضربنا على ذلك مثالا فإنه يحضر إلى الذاكرة ما وقع لحكومة عدنان بدران الذي اضطر لتعديلها في اليوم التالي لأسباب مناطقية ، غير أن الخصاونة ، القريب والمطلع والمجرب إلى حد ما ، يفهم المعادلات ومن اجل ذلك " طبخ " حكومته بصمت وبد ون ضجيج في نحو أكثر من اسبوعين على حد علمي، فحوت التشكيلة محافظين وليبراليين من كل المناطق والجهات ومن ذوي تفكير غير نمطي في بعض الحقائب .
أبرز ما يلفت في التشكيلة استعانة الخصاونة بأمية طوقان ، الاقتصادي المخضرم الذي عين نائبا للرئيس للشؤون الاقتصادية ، بحيث سيكون ذراع الحكومة وعقلها المالي والاقتصادي لما يتمتع به هذا الرجل من خبرة جراء قيادته في السابق لوزارة المالية وللبنك المركزي ومعرفته الخاصة والعميقة بدواخل واسرار عالم الاقتصاد الذي يعتبر الآن ، كما اعتبر سابقا ، حجر الزاوية لعبور أي دولة المحطات الصعبة مهما كان تصنيفها و فقرها وغناها ، وبالتأكيد سيكون حاضرا مع وزير المالية عند القرارات والإشكاليات والاتفاقيات المبرمة مع الصناديق والبنوك الدولية ، وقس عليه استحقاقات لا بد منها تتعلق بالبلديات والبرلمان ، وهنا كان لا بد من وزراء يجيدون سبر هذين الملفين بما فيهما من حساسية وتماس مباشر مع المجتمع المحلي ، فرأيناه يأتي بتوفيق كريشان نائبا له ووزيرا للأدارة المحلية ، وبمحمود الخرابشة ، كوزير دولة كانت له بصمات على القوانين التي اقرتها البرلمانات المتعاقبة خاصة وأنه كان نائبا في أربع برلمانات متتالية ، وسبق وشغل رئيسا للجنة القانونية التي تدرس وتغربل مشاريع القوانين المختلفة ، إذ ولأول مرة ، سيجلس الخرابشة في مقاعد الحكومة ، يضاف الى ذلك ملف جد مهم ، وهو الإعلام الذي هو بحاجة الى مقاربات جديدة في ظل كل هذه الظروف المحلية والدولية ، فجيء بعلي العايد ، الدبلوماسي السابق والمطل على كواليس هذا الملف المهم الذي يحسب له ألف حساب بلا شك أيا كانت الإشكالات التي يعانيها القطاع ، حيث جاء خلفا لأمجد العضايلة ، الاعلامي والسفير والقريب من القصر ، مرورا بالصحة التي شغلها الدكتور نذير عبيدات وهو شخصية محبوبة من المجتمع وعلى علاقة مباشرة معه بسبب شغله موقع الناطق الرسمي للجنة الأوبئة ، إذ كان يطل يوميا على الجمهور بتصريحات ولقاءات وجدت ارتياحا شعبيا ، ولقي تعيينه في الصحة رضا ملحوظا دون أن ننسى اسهامات الوزير السابق سعد جابر وتواضعه وقربه من الناس قبل أن تعصف به الاصابات الاخيرة التي بدأت تتجاوز الآلاف .
أما إذا تحدثنا عن الخارجية ، وما ادراك ما الخارجية في بلد مثل الأردن ، فإن الوزير الصفدي ، الذي هو كالخصاونة أيضا " خريج من الديوان الملكي " فقد تم تعيينه نائبا للرئيس ما سيضفي على عمل وأداء هذه الوزارة مزيدا من القوة والنشاط في المرحلة القادمة ، ولا بأس من التذكير هنا أن القضية الفلسطينية وحل الدولتين والوصاية الهاشمية من ابرز ملفات هذه الوزارة الاستراتيجية ناهيك عما يتطلبه عملها من علاقات على تماس بالاقتصاد بالطبع " المساعدات والقروض وغيرهما " .
أمام الخصاونة جملة من التحديات الكبيرة التي كلفه بها الملك ، ولا يعتقد أحد بأن زيادة حمل الحكومة بوزرائها الأثنين والثلاثين سيكون قوة لها في مواجهة الملفات الصعبة ، فقد يكون العكس ، هذا إذا علمنا بأن رئيس الحكومة الجديد سيكون منذ الآن مسؤولا عن قراراته ، أي ان الخصاونة يعمل الآن أمام 10 ملايين اردني بينما كان في السابق يمارس خدمته العامة خلف الكواليس وشتان بين الأمرين .
رئيس متحمس ولديه نخبة من الوزراء الأكفاء ، ولكن : "ما في القدر ، ستخرجه المغرفة " كما يقال .
حمى الله الأردن .
د.فطين البداد