الاردن : الاصابات كبيرة ولكن الاغلاق ليس حلا
شيء مقلق ومحزن أن يسجل الاردن السبت ولأول مرة ، وفاة 57 مواطنا بكورونا في اعلى حصيلة وفيات حتى الآن مع تخطي أرقام الاصابات الآلاف يوميا : إذ سجلت في نفس اليوم 3301 حالة ، بينما كانت الحصيلة الاكبر حتى كتابة هذه السطور هي اصابات الجمعة التي بلغت 3921 اصابة و32 وفاة .
نترحم على المتوفين وندعو بالشفاء للمصابين ، ونترحم كذلك على تصريحات وتحذيرات الحكومة السابقة التي كانت تقول بأنها ستتخذ قرارا بعودة الحظر إذا بلغت الاصابات 10 حالات يوميا ، ولم يكن يخطر ببالها ولا ببال أحد بأن موجة ثانية ستهاجم بقوة وتصبح تلك الايام مجرد ذكريات جميلة .
لقد تخطت الاصابات المؤكدة حتى الآن اكثر من 73 ألفا ، والوفيات 829 وفاة ، ولا زالت المخاوف مرتفعة من ازدياد الحالات وكذلك الضغط على النظام الصحي الذي تبحث الحكومة عن بدائل لتعزيزه بمقترحات تتحدث عن وسائل اخرى بما فيها المستشفيات الميدانية رغم اللجوء الى العزل المنزلي ، وها هي الحكومة تعترف بأنها استهلكت 50 % من اسرة العناية الحثيثة في المستشفيات .
ولأن الأمر أخذ مديات أخرى ، وتعليلات وتفسيرات وأفكارا متضاربة عن اسباب ازدياد الاصابات والوفيات ،بدأت التسريبات تتلاحق من مثل تداول الأردنيين على نطاق واسع وثيقة قيل إنها رسمية تتحدث عن قرار حكومي باغلاق قطاعات بعينها وبالحظر الشامل يومين في الاسبوع مع التشدد في تطبيق اوامر الدفاع ، ولكن الحكومة نفت ذلك وقالت بأن الامر قيد الدراسة ولم يتخذ فيه اي قرار دون أن تنفي صحة الوثيقة ، وطالعنا عضوا في لجنة الأوبئة يطالب بفرض اغلاق شامل بسبب التجمعات الانتخابية التي فاقت كل الحدود ، وعلى كل حال فإنه لا دخان بدون نار .
اصيب بالوباء نقيب اطباء سابق ونائب رئيس خلية الازمة نفسه ونواب سابقون ووزراء بمن فيهم وزير الأوقاف وأحد وزراء الدولة في الحكومة الحالية وغيرهم ، ولا زالت الأسماء تتوالى والحالات تتصاعد خصوصا في الجسم الطبي الذي خسر كثيرا من الاطباء لدرجة قيل فيها إن الاصابات بين الاطباء وبين الممرضين تتخطى العشرات ولا يكاد يمر يوم دون أن نسمع فيه عن وفاة طبيب او ممرض وسواه من هذا القطاع الذي يتحمل الجزء الاكبر من أعباء التصدي للجائحة ، مع ملاحظة استهتار من قبل البعض بالاجراءات الصحية الاحترازية بدعوى أن الارقام مبالغ فيها أو أن الوفيات المعلن عنها لا تعود لكورونا وما الى ذلك من شائعات ، ولكن الحقيقة التي يجب ان يؤمن بها الجميع : أن كورونا موجودة ومتفشية في المجتمع ويجب اتخاذ كافة الاجراءات العلمية السليمة لمواجهتها بالتوازي مع اجراءات ادارية صارمة ، وأخرى تأخذ الاقتصاد بعين الاعتبار وعدم التوسع في الاغلاق الشامل بالمطلق لأن الاغلاق يرتب مسؤوليات اضافية على الناس والدولة معا ، وعلينا ان لا ننسى قصة التموين وتوزيع الخبز الشهيرة وما يخلفه التوسع في الاغلاق من مشاكل نحن في غنى عنها .
حمى الله الأردن .
د . فطين البداد