لا إصلاح مع الفساد

تم نشره السبت 28 أيّار / مايو 2011 09:32 مساءً
لا إصلاح مع الفساد

الفساد تلك الكلمة وهذا الفعل الذي بدأ يستشري في جسد وطننا الغالي والذي لابد من استئصاله من الجذور حتى نوقف هذا الانتشار المُعدي الذي بات يفتك باقتصادنا وبنيتنا التحتية ويؤخر من تطورنا وتقدمنا ويزيد من مديونيتنا التي أصبح من الاستحالة تسديد فوائدها البنكية ويُفرّغ مجتمعنا من قيمه النبيلة وأخلاقه الرفيعة التي طالما عُرف بها.. فالمعروف عن الأردني نشامته وعزة نفسه وجديته في عمله وإنتمائه لمؤسسته وهذا ما دأب يتفاخر به أصحاب العمل في الخليج والخارج بأن لديهم كوادر أردنية متفوقة بعلمها وعملها أمينة على رزقها لا ترضى بالخطأ وتعتبر أي فعلٍ خارجٍ عن الأنظمة والقوانين جريمة .. يعيش الأردني من راتبه مهما كان قليلاً لأنه يؤمن بأن من المال الحلال سيطعم ويربي أولاده الذين سيكبرون على حب الوطن والأخلاق والمبادئ الأردنية الأصيلة..
ولكن في عالم اليوم الذي بدأت تتراجع فيه القيم وتعلو المصلحة الشخصية على المصلحة العامة والذي بات فيه الانفلات الأخلاقي رفيقنا وشريكنا فلم يعد الضمير ولا الإيمان يشكلان رادعاً لتصرفاتنا وأفعالنا وبتنا نمارس الفوضى والفساد كجزءٍ من يومياتنا بدءا من الموظف الصغير الذي يقبل الخمسين والمئة دينار من تحت الطاولة لتسهيل معاملات المواطنين وحجته في ذلك ضيق الحال وفقر الجيب وكثرة المصاريف وزيادة متطلبات الحياة معتبراً أنها إكرامية من المواطن على مساعدته له علماً أن وجوده كان أساساً لخدمة هذا المواطن وتنفيذ طلباته بابتسامةٍ وسرعةٍ في الأداء..
هذا الموظف الذي يقبع في غرفةٍ صغيرة ومكتبٍ ضيق وراتبٍ قليل وزحمة الناس من حوله يرتشي ويسرق الخمسين والمئة دينار ،
وهناك موظفٌ آخر يجلس في غرفةٍ واسعة ومكتبٍ وثير ويتقاضى راتبٍاً ضخماً وله سكرتيرة ومدير مكتب ومستشارون وموظفون ويحتل منصباً عالياً في الحكومة : وفوق ذلك يرتشي ويسرق الخمسة والعشرة ملايين بحجة البناء والتعمير فيقيم مشروعاً هنا وآخر هناك دون دراسة أو تخطيط فيربك الحكومة ويُكلفها عشرات الملايين من ميزانيتها ويهدر المال العام على مشروعٍ يحتاج لربع هذا المبلغ، ثم يطرح نفسه كبطل قومي ويطرح مشاريعه كإنجاز وطني مهللاً لإنجازاته وأعماله في الإعلام الحكومي والخاص ، فيعقد المؤتمرات الصحفية ويجري اللقاءات التلفزيونية مجمّلاً فساده مع أبواقه من الفاسدين مَحمياً بمنصبه وعلاقاته متناسياً مسؤوليته أمام ربه أولا ومن ثم وطنه ومليكه وأبناء شعبه ضارباً بعرض الحائط المهمة التي أوكلت له ليساهم في حفظ الوطن وإزدهاره ..
فسادٌ يبدأ بالرشوة والسرقة ولا ينتهي بالقرارات الخاطئة والكسل والتكاسل والتهرب والفوضى والمحسوبيات والوساطات والتزوير والتخوين وعدم الاحترام ، وكلها يدفع فاتورتها الشعب الأردني من ضرائبه وعمله وعرقه وعمره، فاتورةٌ ضخمة تقصم الظهر وترفع الضغط وتقضي على الأرواح..
فسادٌ لم يعد يقتصر على فرد أو مؤسسة أو وزارة بل تعداه إلى منظومة أخلاقية تفشت في مجتمعنا، باستثناء الشرفاء من أبناء هذا الوطن، ظاهرةٌ دخلت حياتنا وعششت فيها فامتصت دماءنا وأرواحنا وهزت كياننا وطيرت عقولنا..
مرضٌ وداءٌ لابد من علاجه بمعاقبة كل الفاسدين والمفسدين بمحاكمات وعقوبات جدية وعلنية تُنشر في وسائل الاعلام حتى يكونوا عبرةً للآخرين : لكل من يعبث في أمن وتطور هذا الوطن ، فلا إصلاح مع الفساد الذي يهرّب المستثمر ويؤخر من عملية البناء والتعمير ويعيق التقدم والتطوير..
مسؤوليةٌ ملقاةٌ على عاتق كل الأطراف المعنية بدءا من المواطن نفسه ، مرورا بالموظف والمسؤول ، ثم وسائل الاعلام بكشفها للحقيقة من خلال نقد موضوعي وبناء ومحاربة أوكار الفساد وتعريتها أمام المجتمع الأردني وصولاً إلى القضاء عليها من خلال حسن تطبيق القانون وفرض أحكام قاسية وإن تطلب الأمر سن تشريعات جديدة أو تعديل تشريعات نافذة ، ، فكلنا شركاء في تحمل مسؤولية الحفاظ على مكنوزات وموارد ورأسمال الشعب الأردني من الهدر أو الضياع أو التبديد أو أن تمتد إليه يد عابث ، ووقف ابتزاز هذه الفئة المفسدة واستغلالها لمنصبها العام في سرقة خيرات البلد.
كلنا شركاء في العملية الاصلاحية، كلنا بناة هذا الوطن : الأردن الغالي جنباً إلى جنب مع قائد الوطن جلالة الملك عبد الله الثاني حفظه الله ورعاه..

د. فطين البداد       

fateen@jbcgroup.tv



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات