اسئلة واستجوابات النواب وديوان تفسير القوانين
رد متوقع ساقه مسؤول في إحدى الهيئات الهامة قبل أيام على سؤال نيابي يتعلق برواتب أعضاء هيئته مشددا على أنه يمتنع عن الإجابة ، ذلك أن الديوان الخاص بتفسير القوانين يمنع نشر الارقام والأسماء .
المشكلة هنا ليست في الديوان الخاص الذي يقوم بواجبه الدستوري ، والذي تعتبر تفسيراته قوانين قائمة بذاتها ، ولكنها في الجهات التي تلجأ الى ديوان التفسير في كل شاردة وواردة وبمناسبة وبدون مناسبة .
إحدى الحكومات حولت للديوان حوالي 25 قانونا طلبت تفسيرها ، ما يشي بأحد أمرين :
إما أن النواب والاعيان الذين مرروا القوانين التي هي بحاجة إلى تفسير ، أقروا هذه القوانين دون أن يفهموما ، وإما أنهم فهموها فأقروها على عواهنها .
لا ينكر أحد بأن عمل الديوان الخاص بتفسير القوانين هو نتاج نص دستوري استعيض به عن المجلس العالي لتفسير الدستور ، ولكن من قال إن تفاسير الديوان لا يطعن بها في حال رغب البعض بذلك ؟.
رئيس الهيئة المذكورة ، والذي رفض كشف رواتب أعضاء هيئته والعاملين بمعيته فيها استنادا لتفسير سابق لديوان التفسير يمنع نشر الأرقام والأسماء وجد في التفسير الذي يمنع ذلك طوق نجاة من الرقابة البرلمانية التي كفلها الدستور ، وبموجب التفسير الذي التجأ اليه بات عمل النواب الرقابي منقوصا بشكل كبير ، لدرجة بات معها أن كل هيئة أو وزارة أو حكومة يوجه إليها اسئلة ساخنة فإن بإمكانها أن تضع في بطنها " بطيخة صيفي " لأن ما ورد في التفسير المذكور " ضامن " قوي لتتهرب من الإجابة وفق فهمها ، وفي المقابل فإن الحكومات وفي حال رغبتها في انفاذ أي قرارات لم تتضمنها القوانين فإن اللجوء للتفسير يعتبر خيارا مضمونا .
إلا أنه فات الحكومات ، بل والنواب كذلك ، عن قصد أو ربما بدون قصد ، أنه بالامكان اللجوء إلى المحكمة الدستورية بدل الديوان في حال وجود لبس أو التباس أو أقحام قضايا غير منصوص عليها في القوانين المراد تفسيرها ومن ثم تثبيتها كجزء من القانون المعني ، وقياسا على ذلك ما ذهب اليه الديوان الخاص بتفسير القوانين عندما قرر أن الصحفيين ينطبق عليهم قرارات الحبس في قانون الجرائم الألكترونية ، مع أن مجلس النواب ، لم يتطرق في محاضر نقاشاته للقانون المذكور إلى الصحفيين بتاتا ، ولكن الحكومة حصلت على نص تفسيري من الديوان فشمل الحبس الصحفيين .
المقصود مما سلف : أن السلاح الوحيد الذي لا زال بيد النواب وهو الأسئلة والأستجوابات ، تم تقليمهما وبالقانون ، لأنه لا اسماء ولا أرقام في إجابات الحكومة ، ما يتطلب مراجعة من قبل النواب للنص الدستوري الذي سمح للديوان الخاص يتفسير القوانين حرية العمل المطلق ، بحيث يتم تحديد الحالات التي يلجأ فيها إليه وبالتالي تظل المحاكم والنواب هي الجهات الوحيدة التي يحق لها تفسير القوانين ، دون أن ننسى بأن الديوان الخاص بتفسير القوانين هو جهة دستورية قائمة بذاتها شأنها شأن النواب أنفسهم .
الديوان يقوم بواجبه الدستوري ، ولكن : هل النواب الذين أقروا قوانين غير مفهومة قاموا بواجبهم أيضا ..
سؤال لا بد من طرحه .
د . فطين البداد