تعددت السيناريوهات والحقيقة واحدة

تم نشره الأحد 19 حزيران / يونيو 2011 01:59 صباحاً
تعددت السيناريوهات والحقيقة واحدة

تأسست جامعة الدول العربية في القاهرة في مارس من سنة ١٩٤٥ وهي بمثابة منتدى لتنسيق المواقف السياسية للدول الأعضاء وللتداول ومناقشة المسائل التي تثير الهم المشترك ولتسوية بعض المنازعات العربية والحد من الصراعات بين دولها وبين أطراف ثالثة..
خمسة وستون عاماً مرت على تأسيس الجامعة وعلى قيامها بمهماتها وواجباتها تجاه الدول و " الشعوب " العربية ، لكن هذه الجامعة لم تستطع - إلى الآن - أن تقدم شيئاً للقضية الفلسطينية في كافة فصولها، ولا حتى للخلافات والنزاعات العربية - العربية مثل : أزمة لبنان وحرب الخليج الأولى والثانية وغيرها ..
ها هي الجامعة العتيدة ، وفي ظل ما أطلق عليه " الربيع العربي " وما يتعرض له الشعب وتحديداً في ليبيا وسوريا واليمن من تنكيل وبطش ، فإننا لا نسمع لها صوتاً ولا نقرأ بياناً أو رفضاً أو حتى استنكاراً، فأين اختفت الجامعة ، بل أين هم الحُكام الذين يلقنونها مواقفها ؟؟ لماذا يلتزمون الصمت تجاه ما يجري من قتل وتعذيب وتهجير، لماذا يتركون الساحة والفعل والمبادرة للغرب : لأميركا وأوروبا وتركيا .. ؟؟ :
مصير اليمن ما يزال غائماً ، وعلي عبد الله صالح الذي يقبع في أحد مستشفيات السعودية للعلاج متمسكٌ بكرسيه حتى وهو تحت تخدير عملياته التجميلية ( إن صدقت الرواية ) .
هو رجلٌ ثارعليه شعبه ، وانقلب عليه جيشه ، وتفلت من عقاله سياسيوه ومريدوه وأعضاء كثرٌ من حزبه ، جميعهم طالبوه بدولة مدنية ، وبالحرية والديموقراطية، ولما أبى تعرض لمحاولة اغتيال من داخل قصره وأصيب إصابات بالغة ومايزال يرفض التنحي بعد ٣٣ سنة من جلوسه على كرسية ، ولربما لن يفعل حتى ولو كانت العاقبة انهيارالبلد او فناء الشعب .

أما ذلك المختبئ في جحر أو قصر كبير شيده تحت الأرض الليبية تحسبا لمثل هذه الأيام ، فإنه لم يعد يجرؤ حتى على الظهور علانية لإلقاء خطابه المعتاد الذي يهدد ويتوعد به خلق الله ، وبتنا نسمع صوت القذافي الحانق الخانق مسجلاً وقادما من تحت الأرض ، فيتم بثه عبر مكبرات الصوت في الساحات القليلة التي ماتزال تؤيده ، مع أن " ملك ملوك أفريقيا وعميد القادة العرب " - كما يحب أن يطلق على نفسه - ثبُتَ في سجله الطبي أنه يعاني من انفصام في الشخصية .. ورغم أنه حكم ليبيا مدة 42 عاما إلا إنه وعندما يُطالب شعبه بالتغيير والحرية تثور ثائرته فيقتل وينكل ويغتصب ويدمر ويشرد ويفعل الأفاعيل .
وبالانتقال إلى الجارة الشقيقة سوريا أو (الجمهورية العربية السورية) التي يحكمها نظام واحد وعائلة واحدة منذ أكثر من ٤٨ عاماً والتي جاء رئيسها الحالي بشار الأسد وريثاً لأبيه الراحل في الحكم، فإن هذه البلد العزيزة على كل عربي سجلت سابقة كأول جمهورية تنتقل فيها السلطة بالتوريث ، وبعد هذا النجاح " المؤقت " سال لُعاب الحكام العرب بدءًا من مصر وتونس وصولاً إلى ليبيا واليمن (وما خفي أعظم ) إذ اعتقد قادة هذه البلدان بإمكانية توريث الحكم لأبنائهم من بعدهم ، هذا إن لم يكن لزوجاتهم .
.. لأول مرة في تاريخ سوريا العظيمة نسمع وصف َ " لاجئ سوري ".. ولأول مرة نشاهد صوراً لخيام اللاجئين السوريين وصورا لأطفال ونساء سوريات مشردات وشريدات .
ولتكتمل المهزلة وتتضح أبعاد المأساة في المشهد السوري الملون والمعمد بالدم ، يطل علينا رجل أعمال يُدعى ( رامي مخلوف) - وهو المسيطر على اقتصاد سوريا بكاملها - : يطل علينا " متنازلا " عن أرباح شركاته الكثيرة لذوي الدخل المحدود في بلاده بدعوى حبه للعمل الخيري، معتقدا أو متظاهرا بالإعتقاد : بأنه يقدم أعطيات ومكرمات للشعب ، جاعلا من نفسه (بيل غيتس) الذي حصل على ثروته بفكره وعبقريته الفذة وإنجازاته ثم تنازل عن مجملها للجمعيات الخيرية.
وأيضا : لأول مرة في سوريا نجد دبابات الجيش وقواته تدخل المدن ، مع أن مكانها الحدود وخطوط النار " المطفأة " .. .
أربعون عاماً إذن من الترسانة العسكرية التي تستعد للهجوم على الشعب بدلاً من تحرير الجولان والأراضي العربية ..
لأول مرة في سوريا كذلك ، نرى المظاهرات الشعبية الممتدة من الجنوب إلى الشمال تطالب بالحرية والكرامة ، إلا أن سلطة الباطل قلبت الحقائق وزورت المشهد واعلنت أن هذه الجموع الهادرة المؤمنة تعجُّ بالمندسين والسلفيين والعصابات المسلحة والإرهابيين ، ولأجل ذلك فإنها أعملت فيها القتل والتعذيب والاعتقال ، في حين تخلو مسيرات التأييد والموالاة من مندس واحد ومن طلقة رصاص واحدة..

كل هذا يجري في وطننا العربي أمام سمع وبصر جامعة الدول العربية والقادة والحُكام العرب الذين لا يحركون ساكناً ، و يفسحون المجال أمام أميركا وأوروبا وغيرها للتدخل العسكري وفرض العقوبات والضغط بألوانه وأشكاله وطرائقه ، ثم عندما تحين الساعة وتأتي هذه الدول بحجة مساعدتنا فتسيطر على اقتصادنا وأرضنا وثرواتنا، نندب حظنا العاثر ونعاني الويلات وندب الصوت ولكن بعد فوات الاوان .. ..

هي رسالةٌ أوجهها إلى كل حاكم عربي التصق بكرسي الحكم حتى الموت : كفاكم خداعا لأنفسكم واستغفالا لواقعكم وشعوبكم ومحاججة لمنتقديكم ،فإن كنتم تدافعون عن " الكرسي " فإنكم – لا ريب - خسرتموه :
خسرتموه منذ أن نزف أول جرح برصاصكم ، ومنذ أن تشرب تراب بلادنا الطهور أول " بقعة " دم ، راسمة خارطة طريق للنور والحرية ، فلقد انتهى عهد العبودية ، وإلى الأبد .

د. فطين البداد       

fateen@jbcgroup.tv


 



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات