لا للمقامرة بمستقبل الأردن
انشغل الأردن في الآونة الأخيرة بقضية الكازينو التي باتت حديث الأردنيين في مجالسهم - بمختلف شرائحهم - من : سياسيين إلى رجال أعمال ومثقفين وإعلاميين وعمال وموظفين وحتى ربات بيوت ..
كلنا يدرك مدى اهتمام مجتمعنا الأردني بقضية عادية ، فكيف اذا كانت قضية كبيرة يُُتهم بها رئيس الحكومة الحالي السيد معروف البخيت ؟؟ .. لا ريب أنها حكاية ما بعدها حكاية .
كلنا قرأ وسمع وعلم بحيثيات هذه الحكاية وتفاصيلها من بداية هذا الملف في النصف الثاني من عام ٢٠٠٧ مع حكومة البخيت الأولى ، وهو ملف ما زال مفتوحاً حتى بعد أن برأ مجلس النواب مؤخراً الرئيس واتهم وزير السياحة الأسبق السيد أسامة الدباس ...
أزمة الكازينو هذه انتقلت من على مقاعد مجلس النواب الأردني إلى الشارع وانعكست نتيجة التصويت على المسيرات الشعبية في مختلف المدن الأردنية، ففي حين تعج شوارع الوطن العربي بمظاهرات شعبية رافعة شعارات الحرية والكرامة، أصبحت أزمة الكازينو لدينا هي الشعار الرئيس للمسيرات أيام الجمع ، ومن ذلك ما أطلقت عليه لجنة الحراك الشعبي اسم "جمعة العار " ونددت - في بيان أصدرته - بمجلس النواب وبالحكومة ، وطالبت بالاصلاح الشامل ومحاربة الفساد والمفسدين... وهو ما فعلته – أيضا - الحركة الإسلامية خلال مسيرة انطلقت بعد صلاة الجمعة وكذلك العديد من القوى السياسة والحركات الإجتماعية النشطة .
استقالات ومشاجرات وانسحابات واعتراضات واتهامات وتصدعات ومطالبات بإقالة الحكومة وتشكيل حكومة جديدة... كل هذا رافق قضية الكازينو التي أغلقت عيوننا وألهتنا عن مشاكل البلد الأخرى المتمثلة بزعزعة وحدتنا الوطنية والأزمة المالية والاقتصادية والتحديات السياسية من حولنا، فانصب كل اهتمام الحكومة والبرلمان ووسائل الاعلام والشارع الأردني واللجان الشعبية والأهلية على الكازينو و " عقد " الكازينو ومجلس الكازينو وحكومة القمار ورئيس الكازينوهات ، وما إلى ذلك من مصطلحات ومسميات خلقها الكازينو الذي ولد ميتا في الأساس بعد أن حقنته نفس الحكومة التي أبرمت عقده بعقار " الإلغاء " .
هي قضية كبيرة ، وعلى أهميتها - كغيرها من القضايا - فإنه يجب أن تحال إلى القضاء العادل النزيه لينزل أشد العقوبات بمرتكبيها حتى يكونوا عبرةً لكل المفسدين والعابثين..
من هنا ، دعونا ننهي هذا الملف الذي احتل أسماعنا وأبصارنا وعقولنا في الفترة الأخيرة ، دعونا نحيله إلى القضاء ، دعونا نلتفت شعباً ومؤسسات إلى دعم الحكومة " المعدلة " وإعطائها الفرصة الحقيقية لإحداث التغييرات واحترام إرادة الشعب واتخاذ الخطوات الحاسمة والسريعة في الاصلاح والتغيير ومحاربة الفساد وقطع يد المفسدين بفرض العقوبات المشددة وسن القوانين والتشريعات الملائمة والتي لا تسمح بالتخاذل أو التراخي مع الفاسد مهما علا شأنه أو منصبه، فمن يفرط في ثروات الأردن وحقوق الشعب الأردني هو خائنٌ لوطنه وشعبه وهو لا يستحق لا المسؤولية ولا المنصب الذي يمثله أو الموقع الذي يشغله ..
دعونا نتعلم - كأردنيين - : كيف نطوي صفحة ، وكيف نفتح صفحة ، وكيف نضع نقطة آخر السطر .
فلنبدأ جملة جديدة ، وفعلاً جديدا ، ولنرسم خططا وخطوطا لصفحات أكثر إشراقاً في سجل بلدنا كي نخرج بأردننا الحبيب من الأزمات المصيرية التي يواجهها وأولها وأهمها الأزمة الاقتصادية، بأن نهدئ من روعنا في بيتنا الداخلي ، ونطمئن أنفسنا وشعبنا بأننا استوعبنا الحاضر ، وقرأنا المستقبل ، من أجل أن نسير ببلدنا صوب الحياة الكريمة والهادئة والمستقرة بدل ارتفاع الضغط والحرارة و " الضرائب والأسعار " .. .
إن قضية الكازينو هذه والاهتمام الرسمي وغير الرسمي بها وهو اهتمام غير مسبوق جعلنا لا نقامر بالكازينو وحسب ، بل نقامر بالأردن بلداً وشعباً : بأن نسينا - أو تناسينا - متطلبات بلدنا وهمومه ، وحقه في العيش الحميم والكريم والرغيد ، مع أنه آن الأوان ان نشمر عن سواعدنا ونشد من عزمنا لمواجهة العاديات والتحديات ، فالأردن غال ودونه المهج والأرواح ..
أيها السادة :
لدينا ملفات عمل أخرى آن أوانها كي نظل – كأردنيين – شعبا لا يستسلم أمام الفقر والمديونية والفاقة ، شعبا يجترح المستحيل ، ونحن – بعون الله – قادرون وجديرون بالنجاح ، نعم : النجاح ، فمن سوى الأردنيين النشامى أهله و " ربعه " و " رجاله " ... !!.
د. فطين البداد