وقفة مع نحاس ضانا
استغرب أن يتصدى البعض لقرار الحكومة استثمار النحاس في ضانا معتبرين ذلك مخاطرة حقيقية مع اليونسكو التي صنفت ضانا محمية طبيعية ضمن محميات عدة في الأردن .
طوال سنوات ، كان الأردنيون ينتقدون الحكومات المتعاقبة بسبب عدم استغلالها الموارد الطبيعية التي حبا الله الاردن بها ، ومنها النحاس الذي يتواجد في ضانا بكميات تجارية تصل إلى مليارات الدولارات ، ما يخفف من الضغوط على الموازنات وينعكس ايجابا على الاقتصاد .
وأيا كانت الشركات التي ستقوم بالتعدين وبغض النظر عن اسمها شريطة أن ينطبق عليها القوانين المرعية ، وايضا ، بغض النظر عما رأيناه من دراسات متناقضة بشأن الأرقام والكميات ، فإن المهم أن تبدأ الخطوة الأولى بعد سنوات طويلة من عرقلة هذا المشروع الحيوي بمزاعم بيئية ولأسباب لا زالت مجهولة..
نعيد القول : طالما طالب الاردنيون باستخراج معادن وثروات بلادهم ، وعندما بدأ الحديث عن استخراج نحاس ضانا من خلال اقتطاع جزء من المساحة الكلية للمحمية ، رجع المتحمسون القهقرى على طريقة لا عاجبهم العجب ولا الصيام في رجب .
وكما قال مدير عام المصادر الطبيعية السابق ، فإن سعر طن النحاس يبلغ الآن وعبر السنوات القادمة وفق دراسات 8500 دولار ، وإن منطقة واحدة هي خربة النحاس في المحمية تصل قيمة عائداتها 7 مليار دولار امريكي ، أما المناطق الاخرى مثل منطقة وادي خشيبة فتبلغ مساحتها 24 كيلو متر مربع ، وهي منطقة خارج المحمية ، وكذلك مناطق فينان " وادي راتيا ، وادي خالد ، وادي ضانا " ومساحتها 60 كيلو متر مربع ،مضافا اليها وادي ملقا وأم العمد ومناطق ضمن المحمية وكل هذه تخبئ مليارات ، ناهيك عن ان استخراج وتعدين النحاس سيوفر على الاردن فاتورة الاستيراد وفوائد أخرى ، ناهيك عن مئات فرص العمل التي ستوفرها المشاريع القادمة .
من حق الاردنيين الاستفادة من موارد بلادهم ، ومن نافلة القول أن عموم المواطنين لطالما استهجنوا أصلا لماذا لم يتم الاستفادة من هذه الموارد لتذهب التفسيرات مذاهب شتى بعضها يقال وبعضها لا يقال ، ولكن الخلاصة : أن بلدا مدينا بعشرات المليارات يجب أن يتخذ القرار الآن وليس غدا ، دون أن يلتفت لمن يتمنعون بدعاوى البيئة الواجب حمايتها بالطبع ، ولكنه كلام حق يراد به باطل .
الأهم من كل ما قلناه هو : هل سيحس المواطن العادي بنتاج هذا النحاس ، أم تراه سيذهب الى الشركات والمتنفذين وفوائد الديون ليصحو الاردنيون على بلادهم وقد تم تشويهها آبارا وتعدينا وتعرجات وتلالا اصطناعية تحاكي تلال الفوسفات بينما لا زال يركض وراء رزق عياله وكأنك يا بو زيد ما غزيت ..
إذا كان ذلك سيكون كذلك ، فإن على الحكومة أن ترفع يدها عن ثروات البلد حتى يأتي يوم يستفيد فيه المواطن من كنوز بلاده الكثيرة التي لا تحصى ليس بدءا من اليورانيوم الذي قيل فيه ما قاله أبو نواس في الخمر قبل أن تطلق تصريحات محبطة ، ولا مرورا بالنفط والغاز الذي اعترف بوجوده أخيرا ، ولا آبار الديسي أو نحاس ضانا أو ذهب وادي عربة إلخ ..
ونقول للحكومات في الاردن : لا تخربوا طبيعة البلد وجمال محمياته إن كنتم أضعف من هذه المهمة الوطنية والنبيلة .
حمى الله الاردن .
د.فطين البداد