المركز الوطني لحقوق الانسان في الاردن
يبدو أن المركز الوطني لحقوق الإنسان ، وهو مركز يعين رئيسه وأعضاؤه بإرادة ملكية وله صفة اعتبارية ، يبدو أنه أراد بعد صدور تقريره السابع عشر حول حالة حقوق الأنسان في الأردن للعام 2020 " بق البحصة " كما يقال ، حيث اعتبر أن توصياته لا يتم النظر بها من قبل الحكومات المتعاقبة ، مما حدا به للشكوى من ذلك أمام جلالة الملك .
الملك كعادته استمع لرئيس المركز وأعضائه ووجه للأخذ بتوصيات المركز بدون ابطاء حفاظا على حقوق الناس وإماطة النسيان والاذى عن ملفات يعلوها الغبار منذ زمن ، اي منذ نشر قانون المركز في الجريدة الرسمية منذ العام 2006 .
وكما هو معروف ، فإن المركز يصدر تقريره السنوي كل عام ويرفعه لجلالة الملك ولمجلسي الأعيان والنواب والحكومة ، غير ان رئيس المركز الحالي لم يرق له ذهاب توصيات المركز أدراج الرياح كما يحصل في العادة ، فقرر أن يشكو الأمر للملك خلال تسلم جلالته للتقرير السنوي ، فصدر التوجيه الملكي بتعاون جميع المؤسسات ومتابعة توصيات المركز وملاحظاته .
وبصراحة ، فإن هذا التوجه من قبل المركز يحسب له ولرئيسه ، لأن عملا دؤوبا على مدار العام وشكاوى متنوعة من مظالم وقعت على مواطنين يجدر بها المتابعة وإحقاق العدالة وأخذ كل صاحب حق حقه بدل أن تتكدس التقارير السنوية في ادراج مجلس الأمة بجناحيه وأدراج الحكومة وكأن الأمر مجرد إجراء بروتوكولي ليس إلا .
ولمن لا يعلم ، فإن المركز الوطني لحقوق الأنسان ، لا يعمل تحت جناح الحكومة وله حرية كفلها قانونه ، وهو كما قلنا شخصية اعتبارية لها خصوصيتها المالية والادارية ويعين أعضاؤه بإرادة ملكية ، ولأجل ذلك فإن من حق الاردنيين أن يصلوا لقناعة بأن أي شكوى يتقدمون بها إلى المركز ستذهب إلى وجهتها الحقيقية وتجد من يرفع عنها المظالم وما أكثرها .
وتقرير المركز السنوي لا يتعلق بالمظالم فقط ، بل يرصد مختلف الحقوق سواء الاجتماعية او الاقتصادية أو السياسية والمدنية عموما ، ومن أجل ذلك فإن التقرير الأخير تضمن قضايا في غاية الأهمية من مثل منصات وزارة التربية والتعليم ، وأصحاب المهن والفئات الضعيفة الذين تأثروا أكثر من غيرهم بجائحة كورونا ، وكذلك البطالة وأصحاب الأمراض المزمنة الذين دهمهم تفرغ الحكومات لكورونا ونسيان أمراضهم مع أنهم بأمس الحاجة للعناية الصحية ، وايضا مسألة التوقيف خارج القضاء الذي تعتمده الجهات النافذة استنادا لقانون " منع الجرائم " كمسوغ للتوقيف وخاصة ما يسمى بـ " التوقيف الاداري " الذي يستخدمه الحكام الاداريون ، كل ذلك وغيره من صلب مهام المركز الذي لا يعرف أغلب الأردنيين مهامه الرئيسية .
ونختم بالقول : إن المركز الوطني لحقوق الأنسان ليس مجرد مبنى ومجلس امناء لنقول للعالم أن لدينا مجلسا يراقب حالة حقوق الأنسان ، بل هو ضرورة وثقافة جاء أوان استثمارها ليشعر الاردنيون أن لديهم مركزا مستقلا يتابع مظالمهم ويحلها ، بدل ان يلجأوا لمنظمات خارج الحدود وهو ما يضر بسمعة البلد وتصنيفاته الأممية بشأن الحرية والعدالة وحقوق الانسان .
حمى الله الأردن .
د.فطين البداد